البحر المحيط، ج ٨، ص : ٤٩
يكون المفعول الذي لم يسم فاعله ضمير التسبيحة الدال عليه تُسَبِّحُ أي تسبح له هي أي التسبيحة كما قالوا لِيَجْزِيَ قَوْماً «١» في قراءة من بناه للمفعول أي ليجزي هو أي الجزاء.
وقرأ أبو مجلز : والإيصال وتقدم نظيره وارتفع رِجالٌ على هاتين القراءتين على الفاعلية بإضمار فعل أي يُسَبِّحُ أو يسبح له رجال. واختلف في اقتياس هذا، فعلى اقتياسه نحو ضربت هند زيد أي ضربها زيد، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي المسبح رجال. وتقدم الكلام في تفسير الغدو والآصال والمراد بهما.
ثم ذكر تعالى وصف المسبحين بأنهم لمراقبتهم أمر اللّه وطلبهم رضاه لا يشتغلون عن ذكر اللّه واحتمل قوله لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ وجهين : أحدهما : أنهم لا تجارة لهم ولا بيع فيلهيهم عن ذكر اللّه كقوله :
على لا حب لا يهتدى بمناره أي لا منار له فيهتدى به. والثاني : أنهم ذوو تجارة وبيع ولكن لا يشغلهم ذلك عن ذكر اللّه وعما فرض عليهم، والظاهر مغايرة التجارة والبيع، ولذلك عطف فاحتمل أن تكون تجارة من إطلاق العام ويراد به الخاص، فأراد بالتجارة الشراء ولذلك قابله بالبيع، أو يراد تجارة الجلب ويقال : تجر فلان في كذا إذا جلبه وبالبيع البيع بالأسواق، ويحتمل أن يكون وَلا بَيْعٌ من ذكر خاص بعد عام، لأن التجارة هي البيع والشراء طلبا للربح. ونبه على هذا الخاص لأنه في الإلهاء أدخل من قبل أن التاجر إذا اتجهت له بيعة رابحة وهي طلبته الكلية من صناعته ألهته ما لا يلهيه شيء يتوقع فيه الربح لأن هذا يقين وذاك مطنون.
قال الزمخشري : التاء في إقامة عوض من العين الساقطة للإعلال والأصل أقوام، فلما أضيفت أقيمت الإضافة مقام حرف التعويض فأسقطت ونحوه :
وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا.
انتهى. وهذا الذي ذكر من أن التاء سقطت لأجل الإضافة هو مذهب الفراء ومذهب البصريين، أن التاء من نحو هذا لا تسقط للإضافة وتقدم لنا الكلام على وَإِقامِ الصَّلاةِ في الأنبياء وصدر البيت الذي أنشد عجزه قوله :