البحر المحيط، ج ٩، ص : ١١٧
وقرأ الجمهور : تَرى، بفتح التاء والراء وعبد اللّه، والأسود بن يزيد، وابن وثاب، وطلحة، والأعمش، ومجاهد، وحمزة، والكسائي : بضم التاء وكسر الراء والضحاك، والأعمش أيضا بضم التاء وفتح الراء. فالأول من الرأي، والثاني ماذا ترينيه وما تبديه لأنظر فيه؟ والثالث ما الذي يخيل إليك ويوقع في قلبك؟ وانظر معلقة، وماذا استفهام. فإن كانت ذا موصولة بمعنى الذي، فما مبتدأ، والفعل بعد ذا صلة. وإن كانت ذا مركبة، ففي موضع نصب بالفعل بعدها. والجملة، واسم الاستفهام الذي هو معمول للفعل بعده في موضع نصب لأنظر. ولما كان خطاب الأب يا بُنَيَّ، على سبيل الترحم، قال : هو يا أَبَتِ، على سبيل التعظيم والتوقير. افْعَلْ ما تُؤْمَرُ : أي ما تؤمره، حذفه وهو منصوب، وأصله ما تؤمر به، فحذف الحرف، واتصل الضمير منصوبا، فجاز حذفه لوجود شرائط الحذف فيه. وقال الزمخشري : أو أمرك، على إضافة المصدر إلى المفعول الذي لم يسم فاعله، وفي ذلك خلاف هل يعتقد في المصدر العامل أن يجوز أن يبنى للمفعول، فيكون ما بعده مفعولا لم يسم فاعله، أم يكون ذلك؟ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ : كلام من أوتي الحلم والصبر والامتثال لأمر اللّه، والرضا بما أمر اللّه.
فَلَمَّا أَسْلَما : أي لأمر اللّه، ويقال : استسلم وسلم بمعناها. وقرأ الجمهور : أسلما.
وقرأ عبد اللّه، وعلي، وابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وجعفر بن محمد، والأعمش، والثوري : سلما
: أي فوضا إليه في قضائه وقدره. وقرىء : استسلما، ثلاث قراءات. وقال قتادة في أسلما : أسلم هذا ابنه، وأسلم هذا نفسه، فجعل أسلما متعديا، وغيره جعله لازما بمعنى :
انقادا لأمر اللّه وخضعا له. وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ : أي أوقعه على أحد جنبيه في الأرض مباشرا الأمر بصبر وجلد، وذلك عند الصخرة التي بمنى وعن الحسن : في الموضع المشرف على مسجد منى وعن الضحاك : في المنحر الذي ينحر فيه اليوم. وجواب لما محذوف يقدر بعد وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ، أي أجزلنا أجرهما، قاله بعض البصريين أو بعد الرُّؤْيا، أي كان ما كان مما تنطبق به الحال ولا يحيط به الوصف من استبشارهما وحمدهما اللّه على ما أنعم به إلى ألفاظ كثيرة ذكرها الزمخشري على عادته في خطابته أو قبل وَتَلَّهُ تقديره : فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ.
قال ابن عطية : وهو قول الخليل وسيبويه، وهو عندهم كقول امرئ القيس :
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى وقال الكوفيون : الجواب مثبت، وهو : وَنادَيْناهُ على زيادة الواو. وقالت فرقة : هو