البحر المحيط، ج ٩، ص : ١٨٧
عما يقول الظالمون. انتهى. فسمى عبد اللّه بن عباس ترجمان القرآن وأعلام أهل السنة بعض الغواة، وأطلق عليهم اسم الظالمين، وذلك من سفهه وجرأته، كما قلت في قصيدتي التي ذكرت فيها ما ينقد عليه :
ويشتم أعلام الأممة ضلة ولا سيما إن أولجوه المضايقا
وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ، قال ابن عباس : يضاعف لكم، وكأنه يريد ثواب الشكر وقيل : يقبله منكم. قال صاحب التحرير : قوة الكلام تدل على أن معنى تشكروا :
تؤمنوا حتى يصير بإزاء الكفر، واللّه تعالى قد سمى الأعمال الصالحة والطاعات شكرا في قوله :
اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً «١». انتهى. وتقدم الكلام على هذه الآية في سبأ. وقرأ النحويان، وابن كثير : يرضه بوصل ضمة الهاء بواو وابن عامر وحفص : بضمة فقط وأبو بكر :
بسكون الهاء، قال أبو حاتم : وهو غلط لا يجوز. انتهى. وليس بغلط، بل ذلك لغة لبني كلاب وبني عقيل. وقوله : وَلا تَزِرُ إلى : بِذاتِ الصُّدُورِ، تقدم الكلام عليه.
وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ، أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ، قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ، قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ، وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ، قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ، قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي، فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ، لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ.
الظاهر أن الإنسان هنا جنس الكافر، وقيل : معين، كعتبة بن ربيعة. ويدخل في الضر جميع المكاره في جسم أو أهل أو مال. دَعا رَبَّهُ : استجار ربه وناداه، ولم يؤمل في كشف الضر سواه، مُنِيباً إِلَيْهِ : أي راجعا إليه وحده في إزالة ذلك.

(١) سورة سبأ : ٣٤/ ١٣.


الصفحة التالية
Icon