البحر المحيط، ج ٩، ص : ٢٤٨
وتذكر أحوال يوم التلاق إلى قوله : وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ، فبعد لذلك عن إخوانه. انتهى.
وفي بعض الكتب المنزلة، أنا مرصاد الهمم، أنا العالم بحال الفكر وكسر العيون. وقال مجاهد : خائنة الأعين : مسارقة النظر إلى ما لا يجوز ومثل المفسرون خائنة الأعين بالنظر الثاني إلى حرمة غير الناظر، وما تخفي الصدور بالنظر الأول الذي لا يمكن رفعه.
وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ : هذا يوجب عظيم الخوف، لأن الحاكم إذا كان عالما بجميع الأحوال لا يقضي إلا بالحق في ما دق وجل خافه الخلق غاية. وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ : هذا قدح في أصنامهم وتهكم بهم، لأن ما لا يوصف بالقدرة، لا يقال فيه يقضي ولا يقضى. وقرأ الجمهور : يَدْعُونَ بياء الغيبة لتناسب الضمائر الغائبة قبل.
وقرأ أبو جعفر، وشيبة، ونافع : بخلاف عنه وهشام : تدعون بتاء الخطاب، أي قل لهم يا محمد. إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ : تقرير لقوله : يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ، وعيد لهم بأنه يسمع ما يقولون ويبصر ما يعملون وتعريض بأصنامهم أنها لا تسمع ولا تبصر. أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ : أحال قريشا على الاعتبار بالسير، وجاز أن يكون فينظروا مجزوما عطفا على يسيروا وأن يكون منصوبا على جواب النفي، كما قال :
ألم تسأل فتخبرك الرسوم وتقدم الكلام على مثل هذه الجملة، وحمل الزمخشري هم على أن يكون فصلا ولا يتعين، إذ يجوز أن يكون هم توكيدا لضمير كانوا. وقرأ الجمهور : منهم بضمير الغيبة وابن عامر : منكم بضمير الخطاب على سبيل الالتفات. وَآثاراً فِي الْأَرْضِ : معطوف على قوة، أي مبانيهم وحصونهم وعددهم كانت في غاية الشدة. وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً «١». وقال الزمخشري : أو أرادوا أكثر آثارا لقوله :
متقلدا سيفا ورمحا انتهى. أي : ومعتقلا رمحا، ولا حاجة إلى ادعاء الحذف مع صحة المعنى بدونه. مِنْ واقٍ : أي وما كان لهم من عذاب اللّه من ساتر بمنعهم منه. ذلِكَ : أي الأخذ، وتقدم تفسير نظير ذلك.
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ، إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ

(١) سورة الشعراء : ٢٦/ ١٤٩.


الصفحة التالية
Icon