البحر المحيط، ج ٩، ص : ٣٨٤
وأصحابه، وسعيد بن عياض، والأعمش، وطلحة، والأعرج، وحمزة، والكسائي : وسلفا بضم السين واللام، جمع سليف، وهو الفريق. سمع القاسم بن معن العرب تقول : مضى سليف من الناس. وقرأ علي، ومجاهد، والأعرج أيضا : وسلفا، بضم السين واللام
، جمع سلفة، وهي الأمة والقطيعة. والسلف في غير هذا : ولد القبح، والجمع سلفان. وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ : أي حديثا عجيب الشأن سائرا مسير المثل، يحدث به الآخرون من الكفار، يقال لهم : مثلكم مثل قوم فرعون.
وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ، وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ، إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ، وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ. وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ، وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ، وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ، فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ، هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ، الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ، يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ، ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ، يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ، وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ.
لما ذكر تعالى طرفا من قصة موسى عليه السلام، ذكر طرفا من قصة عيسى عليه السلام. وعن ابن عباس وغيره : لما نزل إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ «١»، ونزل كيف خلق من غير فحل، قالت قريش : ما أراد محمد من ذكر عيسى إلا أن نعبده، كما عبدت النصارى عيسى، فهذا كان صدودهم من ضربه مثلا. وقيل : ضرب المثل بعيسى، هو ما جرى بين الزبعري وبين الرسول عليه الصلاة والسلام في القصة المحكية في قوله :
إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ «٢». وقد ذكرت في سورة الأنبياء في آخرها أن ابن الزبعري قال : فإذا كان هؤلاء أي عيسى وأمه وعزير في النار، فقد وصفنا أن نكون نحن وآلهتنا معهم. وقيل :
(٢) سورة الأنبياء : ٢١/ ٩٨.