البحر المحيط، ج ٩، ص : ٣٨٨
جعفر، وشيبة، ونافع، وابن عباس، وحفص : ما تشتهيه بالضمير العائد على ما، والجمهور وباقي السبعة : بحذف الهاء. وفي مصحف عبد اللّه : ما تشتهيه الأنفس وتلذه الأعين، بالهاء فيهما. وتِلْكَ الْجَنَّةُ : مبتدأ وخبر. والَّتِي أُورِثْتُمُوها : صفة، أو الْجَنَّةُ صفة، والَّتِي أُورِثْتُمُوها، وبِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ الخبر، وما قبله صفتان. فإذا كان بما الخبر تعلق بمحذوف، وعلى القولين الأولين يتعلق بأورثتموها، وشبهت في بقائها على أهلها بالميراث الباقي على الورثة. ولما ذكر ما يتضمن الأكل والشرب، ذكر الفاكهة.
مِنْها تَأْكُلُونَ : من للتبعيض، أي لا تأكلون إلا بعضها، وما يخلف المأكول باق في الشجر، كما جاء في الحديث.
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ، لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ، وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ، وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ، لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ، أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ، أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ، قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ، سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ، فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ، وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ، وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ، وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ، فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ.
لما ذكر تعالى حال أهل الجنة، وما يقال لهم من لذائذ البشارة، أعقب ذلك بذكر حال الكفرة، وما يجاوبون به عند سؤالهم. وقرأ عبد اللّه : وهم فيها، أي في جهنم والجمهور : وهم فيه أي في العذاب. وعن الضحاك : يجعل المجرم في تابوت من نار، ثم يردم عليه، فيبقى فيه خالدا لا يرى ولا يرى. لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ : أي لا يخفف ولا ينقص، من قولهم : فترت عنه الحمى، إذا سكنت قليلا ونقص حرها. والمبلس : الساكت اليائس من الخير. وَما ظَلَمْناهُمْ : أي ما وضعنا العذاب فيمن لا يستحقه. وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ : أي الواضعين الكفر موضع الإيمان، فظلموا بذلك أنفسهم. وقرأ الجمهور :
والظالمين، على أن هم فصل. وقرأ عبد اللّه، وأبو زيد النحويان : الظالمون بالرفع، على أنهم خبرهم، وهم مبتدأ. وذكر أبو عمرو الجرمي : أن لغة تميم جعل ما هو فصل عند