البحر المحيط، ج ٩، ص : ٣٩٣
وروي هذا عن الكسائي، وعلى الابتداء، وخبره : يا رب إلى لا يؤمنون، أو على أن الخبر محذوف تقديره مسموع، أو متقبل، فجملة النداء وما بعده في موضع نصب بو قيله. وقرأ أبو قلابة : يا رب، بفتح الباء أراد : يا ربا، كما تقول : يا غلام. ويتخرج على جواز الأخفش : يا قوم، بالفتح وحذف الألف والاجتزاء بالفتحة عنها. وقال الزمخشري : والذي قالوه يعني من العطف ليس بقوي في المعنى، مع وقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بما لا يحسن اعتراضا، ومع تنافر النظم، وأقوى من ذلك. والوجه أن يكون الجر والنصب على إضمار حرف القسم وحذفه، والرفع على قولهم : أيمن اللّه، وأمانة اللّه، ويمين اللّه، ولعمرك، ويكون قوله : إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ، جواب القسم، كأنه قال :
وأقسم بقيله، أو وقيله يا رب قسمي. إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ، وإقسام اللّه بقيله، رفع منه وتعظيم لدعائه والتجائه إليه. انتهى، وهو مخالف لظاهر الكلام، إذ يظهر أن قوله :
يا رب إلى لا يؤمنون، متعلق بقيله، ومن كلامه عليه السلام : وإذا كان أن هؤلاء جواب القسم، كان من إخبار اللّه عنهم وكلامه، والضمير في وقيله للرسول، وهو المخاطب بقوله : فَاصْفَحْ عَنْهُمْ، أي أعرض عنهم وتاركهم، وَقُلْ سَلامٌ، أي الأمر سلام، فسوف يعلمون وعيد لهم وتهديد وموادعة، وهي منسوخة بآية السيف. وقرأ الجمهور :
يعلمون، بياء الغيبة، كما في : فاصفح عنهم. وقرأ أبو جعفر، والحسن، والأعرج، ونافع، وهشام : بتاء الخطاب. وقال السدي : وقل سلام، أي خيرا بدلا من شرهم. وقال مقاتل :
أورد عليهم معروفا. وحكى الماوردي : قل ما تسلم به من شرهم.