البحر المحيط، ج ٩، ص : ٤١٧
القدرة، كأنه يأمر السفن أن تجري. مِنْ فَضْلِهِ بالتجارة وبالغوص على اللؤلؤ والمرجان، واستخراج اللحم الطري. ما فِي السَّماواتِ من الشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح والهواء، والأملاك الموكلة بهذا كله. وَما فِي الْأَرْضِ من البهائم والمياه والجبال والنبات. وقرأ الجمهور : مِنْهُ، وابن عباس : بكسر الميم وشد النون ونصب التاء على المصدر. قال أبو حاتم : نسبة هذه القراءة إلى ابن عباس ظلم. وحكاها أبو الفتح، عن ابن عباس، وعبد اللّه بن عمر، والجحدري، وعبد اللّه بن عبيد بن عمير، وحكاها أيضا عن هؤلاء الأربعة صاحب اللوامح، وحكاها ابن خالويه، عن ابن عباس، وعبيد بن عمير. وقرأ سلمة بن محارب كذلك، إلا أنه ضم التاء، أي هو منة، وعنه أيضا فتح الميم وشد النون، وهاء الكناية عائد على اللّه، وهو فاعل سخر على الإسناد المجازي، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي ذلك، أو هو منه. والمعنى، على قراءة الجمهور : أنه سخر هذه الأشياء كائنة منه وحاصلة عنده، إذ هو موجدها بقدرته وحكمته، ثم سخرها لخلقه. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون يعني منه خبر مبتدأ محذوف تقديره :
هي جميعا منه، وأن يكون : وما في الأرض، مبتدأ، ومنه خبره. انتهى. ولا يجوز هذان الوجهان إلا على قول الأخفش، لأن جميعا إذ ذاك حال، والعامل فيها معنوي، وهو الجار والمجرور فهو نظير : زيد قائما في الدار، ولا يجوز على مذهب الجمهور.
قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا : نزلت في صدر الإسلام. أمر المؤمنين أن يتجاوزوا عن الكفار، وأن لا يعاقبوهم بذنب، بل يصبرون لهم، قاله السدّي ومحمد بن كعب، قيل :
وهي محكمة، والأكثر على أنها منسوخة بآية السيف. يغفروا، في جزمه أوجه للنحاة، تقدّمت في : قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ «١» في سورة إبراهيم. لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ : أي وقائعه بأعدائه ونقمته منهم. وقال مجاهد : وقيل أيام إنعامه ونصره وتنعيمه في الجنة وغير ذلك. وقيل : لا يأملون الأوقات التي وقتها اللّه لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز. قيل : نزلت قبل آية القتال ثم نسخ حكمها. وتقدم قول ابن عباس أنها نزلت في عمر بن الخطاب قيل : سبه رجل من الكفار، فهم أن يبطش به، وقرأ الجمهور : ليجزي اللّه، وزيد بن عليّ، وأبو عبد الرحمن، والأعمش، وأبو علية، وابن عامر، وحمزة، والكسائي : بالنون وشيبة، وأبو جعفر : بخلاف عنه بالياء مبنيا للمفعول. وقد روي ذلك عن عاصم، وفيه حجة لمن أجاز بناء الفعل للمفعول، على أن يقام المجرور، وهو بما،

(١) سورة إبراهيم : ١٤/ ٣١.


الصفحة التالية
Icon