البحر المحيط، ج ٩، ص : ٤٤٢
صفات الكفار أهل النار، وكان عبد الرحمن من أفاضل الصحابة وسراتهم وأبطالهم، وممن له في الإسلام غناء يوم اليمامة وغيره.
أُفٍّ لَكُما : تقدم الكلام على أف مدلولا ولغات وقراءة في سورة الإسراء، واللام في لكما للبيان، أي لكما، أعني : التأفيف. وقرأ الجمهور : أَتَعِدانِنِي، بنونين، الأولى مكسورة والحسن، وعاصم، وأبو عمرو، وفي رواية وهشام : بإدغام نون الرفع في نون الوقاية. وقرأ نافع في رواية، وجماعة : بنون واحدة. وقرأ الحسن، وشيبة، وأبو جعفر :
بخلاف عنه وعبد الوارث، عن أبي عمرو، وهارون بن موسى، عن الجحدري، وسام، عن هشام : بفتح النون الأولى، كأنهم فروا من الكسرتين، والياء إلى الفتح طلبا للتخفيف ففتحوا، كما فر من أدغم ومن حذف. وقال أبو حاتم : فتح النون باطل غلط. أَنْ أُخْرَجَ : أي أخرج من قبري للبعث والحساب. وقرأ الجمهور : أن أخرج، مبنيا للمفعول والحسن، وابن يعمر، والأعمش، وابن مصرف، والضحاك : مبنيا للفاعل.
وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي : أي مضت، ولم يخرج منهم أحد ولا بعث. وقال أبو سليمان الدمشقي : وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي مكذبة بالبعث. وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ، يقال : استغثت اللّه واستغثت باللّه، والاستعمالان في لسان العرب. وقد رددنا على ابن مالك إنكار تعديته بالباء، وذكرنا شواهد على ذلك في الأنفال، أي يقولان : الغياث باللّه منك ومن قولك، وهو استعظام لقوله : وَيْلَكَ، دعاء عليه بالثبور والمراد به الحث والتحريض على الإيمان لا حقيقة الهلاك. وقيل : ويلك لمن يحقر ويحرك لأمر يستعجل إليه. وقرأ الأعرج، وعمرو بن فائدة : إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ، بفتح الهمزة، أي : آمن بأن وعد اللّه حق، والجمهور بكسرها، فَيَقُولُ ما هذا : أي ما هذا الذي يقول؟ أي من الوعد بالبعث من القبور، إلا شيء سطره الأولون في كتبهم، ولا حقيقة له. قال ابن عطية : وظاهر ألفاظ هذه الآية أنها نزلت في مشار إليه قال وقيل له، فنفى اللّه أقواله تحذيرا من الوقوع في مثلها.
وقوله : أُولئِكَ، ظاهره أنه إشارة إلى جنس يتضمنه قوله : وَالَّذِي قالَ، ويحتمل أن تكون الآية في مشار إليه، ويكون قوله في أولئك بمعنى صنف هذا المذكور وجنسه هم : الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ أي قول اللّه أنه يعذبهم فِي أُمَمٍ، أي جملة :
أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، يقتضي أن الجن يموتون قرنا بعد قرن كالإنس. وقال الحسن في بعض مجالسه : الجن لا يموتون، فاعترضه قتادة بهذه الآية فسكت.