البحر المحيط، ج ٩، ص : ٤٤٦
يفسره ما بعده، فلم يذكروا فيه مفعول رأى إذا كان ضميرا، ولا أن الحال يفسر الضمير ويوضحه. والعارض : المعترض في الجو من السحاب الممطر، ومنه قول الشاعر :
يا من رأى عارضا أرقت له بين ذراعي وجبهة الأسد
وقال الأعشى :
يا من رأى عارضا قد بث أرمقه كأنها البرق في حافاتها الشعل
مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ : هو جمع واد، وأفعلة في جمع فاعل. الاسم شاذ نحو : ناد وأندية، وجائز وأجوزة. والجائز : الخشبة الممتدة في أعلى السقف، وإضافة مستقبل وممطر إضافة لا تعرف، فلذلك نعت بهما النكرة. بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ : أي قال لهم هو ذلك، أي بل هو العذاب الذي استعجلتم به، أضرب عن قولهم : عارِضٌ مُمْطِرُنا، وأخبر بأن العذاب فاجأهم، ثم قال : رِيحٌ : أي هي ريح بدل من هو. وقرأ : ما استعجلتم، بضم التاء وكسر الجيم، وتقدمت قصص في الريح، فأغنى عن ذكرها هنا.
تُدَمِّرُ : أي تهلك، والدمار : الهلاك، وتقدم ذكره. وقرأ زيد بن عليّ : تدمر، بفتح التاء وسكون الدال وضم الميم. وقرىء كذلك إلا أنه بالياء ورفع كل، أي يهلك كل شيء، وكل شيء عام مخصوص، أي من نفوسهم وأموالهم، أو من أمرت بتدميره. وإضافة الرب إلى الريح دلالة على أنها وتصريفها مما يشهد بباهر قدرته تعالى، لأنها من أعاجيب خلقه وأكابر جنوده. وذكر الأمر لكونها مأمورة من جهته تعالى. وقرأ الجمهور : لا ترى بتاء الخطاب، إلا مساكنهم، بالنصب وعبد اللّه، ومجاهد، وزيد بن علي، وقتادة، وأبو حيوة، وطلحة، وعيسى، والحسن، وعمرو بن ميمون : بخلاف عنهما وعاصم، وحمزة :
لا يرى بالياء من تحت مضمومة إلا مساكنهم بالرفع. وأبو رجاء، ومالك بن دينار : بخلاف عنهما. والجحدري، والأعمش، وابن أبي إسحاق، والسلمي : بالتاء من فوق مضمومة مساكنهم بالرفع، وهذا لا يجيزه أصحابنا إلا في الشعر، وبعضهم يجيزه في الكلام. وقال ذو الرمة :
كأنه جمل همّ وما بقيت إلا النخيرة والألواح والعصب
وقال آخر :
فما بقيت إلا الضلوع الجراشع وقرأ عيسى الهمداني : لا يرى بضم الياء إلا مسكنهم بالتوحيد. وروي هذا عن