البحر المحيط، ج ٩، ص : ٤٦٣
والحسن، وأبو رجاء، وعيسى، والجحدري أيضا : كذلك. وقرأ علي : فَلَنْ يُضِلَّ مبنيا للمفعول أَعْمالَهُمْ : رفع. وقرىء : يضل، بفتح الياء، من ضل أعمالهم : رفع.
سَيَهْدِيهِمْ : أي إلى طريق الجنة. وقال مجاهد : يهتدي أهل الجنة إلى مساكنهم منها لا يخطؤون، لأنهم كانوا سكانها منذ خلقوا، لا يستبدلوا عليها. وروى عياض عن أبي عمرو : وَيُدْخِلُهُمُ، ويَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ «١»، وإِنَّما نُطْعِمُكُمْ «٢»، بسكون لام الكلمة. عَرَّفَها لَهُمْ، عن مقاتل : أن الملك الذي وكل بحفظ عمله في الدنيا يمشي بين يديه فيعرفه كل شيء أعطاه اللّه. وقال أبو سعيد الخدري، ومجاهد، وقتادة : معناه بينها لهم، أي جعلهم يعرفون منازلهم منها. وفي الحديث لأحدكم بمنزله في الجنة أعرف منه بمنزلة في الدنيا. وقيل : سماها لهم ورسمها كل منزل بصاحبه، وهذا نحو من التعريف.
يقال : عرف الدار وأرفها : أي حددها، فجنة كل أحد مفرزة عن غيرها. والعرف والأرف :
الحدود. وقيل : شرفها لهم ورفعها وعلاها، وهذا من الأعراف التي هي الجبال وما أشبهها. وقال مؤرج وغيره : طيبها، مأخوذ من العرف، ومنه : طعام معرف : أي مطيب، أي وعرفت القدر طيبتها بالملح والتابل.
إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ : أي دينه، يَنْصُرْكُمْ : أي على أعدائكم، بخلق القوة فيكم، وغير ذلك من المعارف. وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ : أي في مواطن الحرب، أو على محجة الإسلام. وقرأ الجمهور : وَيُثَبِّتْ : مشددا، والمفضل عن عاصم : مخففا. فَتَعْساً لَهُمْ : قال ابن عباس : بعد الهم وابن جريج، والسدي : حزنا لهم والحسن : شتما وابن زيد : شقاء والضحاك : رغما وحكى النقاش : قبحا. وَالَّذِينَ كَفَرُوا : مبتدأ، والفاء داخلة في خبر المبتدأ وتقديره : فتعسهم اللّه تعسا. فتعسا : منصوب بفعل مضمر، ولذلك عطف عليه الفعل في قوله : وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ. ويجوز أن يكون الذين منصوبا على إضمار فعل يفسره قوله : فَتَعْساً لَهُمْ، كما تقول : زيدا جدعا له. وقال الزمخشري : فإن قلت : على م عطف قوله : وأضل أعمالهم؟ قلت : على الفعل الذي نصب تعسا، لأن المعنى : فقال تعسا لهم، أو فقضى تعسا لهم وتعسا لهم نقيض لعى له. انتهى. وإضمار ما هو من لفظ المصدر أولى، لأن فيه دلالة على ما حذف. وقال ابن عباس : يريد في الدنيا القتل، وفي الآخرة التردي في النار. انتهى. وفي قوله :

(١) سورة التغابن : ٦٤/ ٩.
(٢) سورة الإنسان : ٧٦/ ٩.


الصفحة التالية
Icon