البحر المحيط، ج ٩، ص : ٤٦٨
الزمخشري : وآنفا نصب على الظرف. انتهى. وقال ذلك لأنه فسره بالساعة. وقال ابن عطية، والمفسرون يقولون : آنفا، معناه : الساعة الماضية القريبة منا، وهذا تفسير بالمعنى. انتهى. والصحيح أنه ليس بظرف، ولا نعلم أحدا من النحاة عده في الظروف.
والضمير في زادَهُمْ عائد على اللّه، كما أظهره قوله : طَبَعَ اللَّهُ، إذ هو مقابلهم، وكما هو في : وَآتاهُمْ والزيادة في هذا المعنى تكون بزيادة التفهيم والأدلة، أو بورود الشرع بالأمر والنهي والإخبار، فيزيد المهدي لزيادة علم ذلك والإيمان به. قيل : ويحتمل أن يعود على قول المنافقين واضطرابهم، لأن ذلك مما يعجب به المؤمن ويحمد اللّه على إيمانه ويزيد نصرة في دينه. وقيل : يعود على قول الرسول وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ : أي أعطاهم، أي جعلهم متقين له فتقواهم مصدر مضاف للفاعل.
أَنْ تَأْتِيَهُمْ : بدل اشتمال من الساعة، والضمير للمنافقين أي الأمر الواقع في نفسه انتظار الساعة، وإن كانوا هم في أنفسهم ينتظرون غير ذلك لأن ما في أنفسهم غير مراعى، لأنه باطل. وقرأ أبو جعفر الرواسي عن أهل مكة : أن تأتهم على الشرط، وجوابه : فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها، وهذا غير مشكوك فيه، لأنها آتية لا محالة. لكن خوطبوا بما كانوا عليه من الشك، ومعناه : إن شككتم في إثباتها فقد جاء أعلامها فالشك راجع إلى المخاطبين الشاكين. وقال الزمخشري : فإن قلت : فما جزاء الشرط؟ قلت : قولهم :
فَأَنَّى لَهُمْ، ومعناه : أن تأتيهم الساعة، فكيف لهم ذكراهم، أي تذكرهم واتعاظهم؟ إذا جاءتهم الساعة يعني لا تنفعهم الذكرى حينئذ لقوله : يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وأَنَّى لَهُ الذِّكْرى «١». فإن قلت : بم يتصل قوله، وقد جاء أشراطها على القراءتين؟ قلت : بإتيان الساعة اتصال العلة بالمعلول كقولك : إن أكرمني زيد فأنا حقيق بالإكرام أكرمه. وقرأ الجعفي، وهارون، عن أبي عمرو : بَغْتَةً، بفتح العين وشد التاء. قال صاحب اللوامح :
وهي صفة، وانتصابها على الحال لا نظير لها في المصادر ولا في الصفات، بل في الأسماء نحو : الحرية، وهو اسم جماعة، والسرية اسم مكان. انتهى. وكذا قال أبو العباس بن الحاج، من أصحاب الأستاذ أبي علي الشلوبين، في (كتاب المصادر) على أبي عمرو : أن يكون الصواب بغتة، بفتح الغين من غير تشديد، كقراءة الحسن فيما تقدم. انتهى. وهذا على عادته في تغليظ الرواية.

(١) سورة الفجر : ٨٩/ ٢٣. [.....]


الصفحة التالية
Icon