البحر المحيط، ج ٩، ص : ٥٠٦
وكنانة قبيلة وقريش عمارة وقصي بطن وهاشم فخذ والعباس فصيلة. وسميت الشعوب، لأن القبائل تشعبت منها. وروي عن ابن عباس : الشعوب : البطون، هذا غير ما تمالأ عليه أهل اللغة، ويأتي خلاف في ذلك عند قوله : وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً. القبيلة دون الشعب، شبهت بقبائل الرأس لأنها قطع تقابلت. ألت يألت : بضم اللام وكسرها ألتا، ولات يليت وألات يليت، رباعيا، ثلاث لغات حكاها أبو عبيدة، والمعنى نقص. وقال رؤبة :
وليلة ذات ندى سريت ولم يلتني عن سراها ليت
أي : لم يمنعني ولم يحبسني. وقال الحطيئة :
أبلغ سراة بني سعد مغلظة جهد الرسالة لا ألتا ولا كذبا
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ، إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ، إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ، وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ، فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.
هذه السورة مدنية. ومناسبتها لآخر ما قبلها ظاهرة، لأنه ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه، ثم قال : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ «١»، فربما صدر من المؤمن عامل الصالحات بعض شيء مما ينبغي أن ينهى عنه، فقال تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وكانت عادة العرب، وهي إلى الآن الاشتراك في الآراء، وأن يتكلم كل بما شاء ويفعل ما أحب، فجرى من بعض من لم يتمرن على آداب الشريعة بعض ذلك. قال قتادة :
فربما قال قوم : ينبغي أن يكون كذا لو أنزل في كذا. وقال الحسن : ذبح قوم ضحايا قبل