البحر المحيط، ج ٩، ص : ٥١٧
وما أدري وسوف إخال أدري أقوم آل حصن أم نساء
وقال الزمخشري : وهو في الأصل جمع قائم، كصوم وزور في جمع صائم وزائر.
انتهى وليس فعل من أبنية الجموع إلا على مذهب أبي الحسن في قوله : إن ركبا جمع راكب. وقال أيضا الزمخشري : وأما قولهم في قوم فرعون وقوم عاد : هم الذكور والإناث، فليس لفظ القوم بمتعاط للفريقين، ولكن قصد ذكر الذكور وترك ذكر الإناث، لأنهن توابع لرجالهن. انتهى. وغيره يجعله من باب التغليب والنهي، ليس مختصا بانصبابه على قوم ونساء بقيد الجمعية من حيث المعنى، وإن كان ظاهر اللفظ ذلك، بل المعنى : لا يسخر أحد من أحد، وإنما ذكر الجمع، والمراد به كل فرد فرد ممن يتناوله عموم البدل. فكأنه إذا سخر الواحد، كان بمجلسه ناس يضحكون على قوله، أو بلغت سخريته ناسا فضحكوا، فينقلب الحال إلى جماعة. عَسى أَنْ يَكُونُوا : أي المسخور منهم، خَيْراً مِنْهُمْ : أي من الساخرين بهم. وهذه الجملة مستأنفة، وردت مورد جواب المستخبر عن العلة الموجبة لما جاء النهي عنه، أي ربما يكون المسخور منه عند اللّه خيرا من الساخر، لأن العلم بخفيات الأمور إنما هو للّه تعالى. وعن ابن مسعود : لو سخرت من كلب، خشيت أن أحول كلبا.
وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ : روي أن عائشة وحفصة، رضي اللّه تعالى عنهما، رأتا أم سلمة ربطت حقويها بثوب أبيض وسدلت طرفه خلفها، فقالت عائشة لحفصة : انظري إلى ما يجر خلفها، كأنه لسان كلب. وعن عائشة، أنها كانت تسخر من زينب بنت خزيمة الهلالية، وكانت قصيرة. وعن أنس : كان نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم يعيرن أم سلمة بالقصر. وقالت صفية لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : يعيرنني ويقلن يا يهودية بنت يهوديين، فقال لها : هلا قلت إن أبي هارون، وإن عمي موسى، وإن زوجي محمد؟ وقرأ عبد اللّه وأبي : عسوا أن يكونوا، وعسين أن يكن، فعسى ناقصة، والجمهور : عسى فيهما تامّة، وهي لغتان : الإضمار لغة تميم، وتركه لغة الحجاز.
وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ : ضم الميم في تلمزوا، الحسن والأعرج وعبيد عن أبي عمرو. وقال أبو عمرو : هي عربية والجمهور بالكسر، واللمز بالقول والإشارة ونحوه مما يفهمه آخر، والهمز لا يكون إلا باللسان، والمعنى : لا يعب بعضكم بعضا، كما قال :
فاقتلوا أنفسكم، كأن المؤمنين نفس واحدة، إذ هم إخوة كالبنيان يشد بعضه بعضا، وكالجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى سائره بالسهر والحمى. ومفهوم أنفسكم أن له أن