البحر المحيط، ج ٩، ص : ٦٠
ولا من زيد، وهو قدر المعطوف بالذي، وهو معرفة، فلا يعطف على النكرة المجرورة بمن الزائدة. وقال أبو البقاء : ويجوز أن تكون ما زائدة، أي وقد كنا منزلين، وقوله ليس بشيء.
وقرأ : إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً، بنصب الصيحة، وكان ناقصة واسمها مضمر، أي إن كانت الأخذة أو العقوبة. وقرأ أبو جعفر، وشيبة، ومعاذ بن الحارث القارئ : صيحة بالرفع في الموضعين على أن كانت تامة، أي ما خدثت أو وقعت إلا صيحة، وكان الأصل أن لا يلحق التاء، لأنه إذا كان الفعل مسندا إلى ما بعد إلا من المؤنث، لم تلحق العلامة للتأنيث فيقول : ما قام إلا هند، ولا يجوز : ما قامت إلا هند، عند أصحابنا إلا في الشعر، وجوزه بعضهم في الكلام على قلة. ومثله قراءة الحسن، ومالك بن دينار، وأبي رجاء، والجحدري، وقتادة، وأبي حيوة، وابن أبي عبلة، وأبي بحرية : لا ترى إلا مساكنهم بالتاء، والقراءة المشهورة بالياء، وقول ذي الرمة :
وما بقيت إلا الضلوع الجراشع وقول الآخر :
ما برئت من ريبة وذمّ في حربنا إلا بنات العمّ
فأنكر أبو حاتم وكثير من النحويين هذه القراءة بسبب لحوق تاء التأنيث. فَإِذا هُمْ خامِدُونَ : أي فاجأهم الخمود إثر الصيحة، لم يتأخر. وكنى بالخمود عن سكوتهم بعد حياتهم، كنار خمدت بعد توقدها. ونداء الحسرة على معنى هذا وقت حضورك وظهورك، هذا تقدير نداء، مثل هذا عند سيبويه، وهو منادى منكور على قراءة الجمهور. وقرأ أبيّ، وابن عباس، وعلي بن الحسين، والضحاك، ومجاهد، والحسن : يا حسرة العباد
، على الإضافة، فيجوز أن تكون الحسرة منهم على ما فاتهم، ويجوز أن تكون الحسرة من غيرهم عليهم، لما فاتهم من اتباع الرسل حين أحضروا للعذاب وطباع البشر تتأثر عند معاينة عذاب غيرهم وتتحسر عليهم.
وقرأ أبو الزناد، وعبد اللّه بن ذكوان المدني، وابن هرمز، وابن جندب : يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ، بسكون الهاء في الحالين حمل فيه الوصل على الوقف، ووقفوا على الهاء مبالغة في التحسر، لما في الهاء من التأهه كالتأوّه، ثم وصلوا على تلك الحال، قاله صاحب اللوامح. وقال ابن خالويه : يا حسرة على العباد بغير تنوين، قاله ابن عباس، انتهى، ووجهه أنه اجتزأ بالفتحة عن الألف التي هي بدل من ياء المتكلم في النداء، كما