البحر المحيط، ج ٩، ص : ٦٦
وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
«١»، ثم قال بعده : وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً «٢» الآية. وبدأ هناك بالزمان، لأن المقصود إثبات الوحدانية بدليل قوله :
لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ «٣» الآية، ثم الحشر بقوله : إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى «٤»، وهذا المقصود الحشر أولا لأن ذكره فيها أكثر، وذكر التوحيد في فصلت أكثر بدليل قوله : قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ «٥». انتهى، وهو من كلام أبي عبد اللّه الرازي، وفيه تلخيص.
ونَسْلَخُ : معناه نكشط ونقشر، وهو استعارة لإزالة الضوء وكشفه عن مكان الليل.
ومُظْلِمُونَ : داخلون في الظلام، كما تقول : أعتمنا وأسحرنا : دخلنا في العتمة وفي السحر. واستدل قوم بهذا على أن الليل أصل والنهار فرع طارئ عليه، ومستقر الشمس بين يدي العرش تسجد فيه كل ليلة بعد غروبها. كما
جاء في حديث أبي ذر :«ويقال لها اطلعي من حيث طلعت، فإذا كان طلوعها من مغربها يقال لها اطلعي من حيث غربت، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها، لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا».
وقال ابن عباس : إذا غربت وانتهت إلى الموضع الذي لا تتجاوزه، استوت تحت العرش إلى أن تطلع. وقال الحسن : للشمس في السنة ثلاثمائة وستون مطلعا، تنزل كل يوم مطلعا، ثم لا تنزل إلى الحول، وهي تجري في فلك المنازل، أو يوم القيامة، أو غيبوبتها، لأنها تجري كل وقت إلى حد محدود تغرب فيه، أو أحد مطالعها في المنقلبين، لأنهما نهايتا مطالعها فإذا استقر وصولها كرت راجعة، وإلا فهي لا تستقر عن حركتها طرفة عين. ونحا إلى هذا ابن قتيبة، أو وقوفها عند الزوال كال يوم، ودليل استقرارها وقوف ذلك الظلام حينئذ. وقال الزمخشري : بمستقر لها : لحدّ لها مؤقت مقدر تنتهي إليه من فلكها في آخر السنة. شبه بمستقر المسافر إذا قطع مسيره، أو كمنتهى لها من المشارق والمغارب، لأنها تتقصاها مشرقا مشرقا ومغربا مغربا حتى تبلغ أقصاها ثم ترجع، فلذلك حدها ومستقرها، لأنها لا تعدوه أو لا يعدلها من مسيرها كل يوم في مرأى عيوننا وهو المغرب. وقيل :
مستقرها : محلها الذي أقر اللّه عليه أمرها في جريها فاستقرت عليه، وهو آخر السنة.
وقيل : الوقت الذي تستقر فيه وينقطع جريها، وهو يوم القيامة.
(٢) سورة فصلت : ٤١/ ٣٩.
(٣) سورة فصلت : ٤١/ ٣٧. [.....]
(٤) سورة فصلت : ٤١/ ٣٩.
(٥) سورة فصلت : ٤١/ ٩.