البحر المحيط، ج ٩، ص : ٧٨
تميم، ومنه قولهم : دحا محا. انتهى. وقوله : إلا في الياء، لغة لبعض كلب أنهم يكسرون أيضا في الياء، يقولون : هل يعلم؟ وقوله : دحا محا، يريدون دعها معها، أدغموا العين في الحاء، والإشارة بهذا إلى ما عهد إليهم من معصية الشيطان وطاعة الرحمن.
وقرأ نافع، وعاصم : جِبِلًّا، بكسر الجيم والباء وتشديد اللام، وهي قراءة أبي حيوة، وسهيل، وأبي جعفر، وشيبة، وأبي رجاء والحسن : بخلاف عنه. وقرأ العربيان، والهذيل بن شرحبيل : بضم الجيم وإسكان الباء وباقي السبعة : بضمها وتخفيف اللام والحسن بن أبي إسحاق، والزهري، وابن هرمز، وعبد اللّه بن عبيد بن عمير، وحفص بن حميد : بضمتين وتشديد اللام والأشهب العقيلي، واليماني، وحماد بن مسلمة عن عاصم : بكسر الجيم وسكون الباء والأعمش : جبلا، بكسرتين وتخفيف اللام. وقرىء :
جبلا بكسر الجيم وفتح الباء وتخفيف اللام، جمع جبلة، نحو فطرة وفطر، فهذه سبع لغات قرىء بها. وقرأ علي بن أبي طالب وبعض الخراسانيين : جيلا، بكسر الجيم بعدها ياء آخر الحروف
، واحد الأجيال والجبل بالباء بواحدة من أسفل الأمة العظيمة. وقال الضحاك :
أقله عشرة آلاف. خاطب تعالى الكفار بما فعل معهم الشيطان تقريعا لهم. وقرأ الجمهور :
أَفَلَمْ تَكُونُوا بتاء الخطاب وطلحة، وعيسى : بياء الغيبة، عائدا على جبل. ويروى أنهم يجحدون ويخاصمون، فيشهد عليهم جيرانهم وعشائرهم وأهاليهم، فيحلفون ما كانوا مشركين، فحينئذ يختم على أفواههم وتكلم أيديهم وأرجلهم. وفي الحديث :«يقول العبد يوم القيامة : إني لا أجيز عليّ شاهد إلا من نفسي فيختم على فيه، ويقال لأركانه : انطقي فتنطق بأعماله، ثم يخلي بينه وبين الكلام فيقال : بعدا لكنّ وسحقا، فعنكنّ كنت أناضل».
وقرىء : يختم مبينا للمفعول، وتتكلم أيديهم، بتاءين وقرىء : ولتكلمنا أيديهم ولتشهد بلام الأمر والجزم على أن اللّه يأمر الأعضاء بالكلام والشهادة. وروى عبد الرحمن بن محمد بن طلحة عن أبيه عن جده طلحة أنه قرأ : ولتكلمنا أيديهم ولتشهد، بلام كي والنصب على معنى : وكذلك يختم على أفواههم والظاهر أن الأعين هي الأعضاء المبصرة، والمعنى : لأعميناهم فلا يرون كيف يمشون، قاله الحسن وقتادة، ويؤيده مناسبة المسخ، فهم في قبضة القدرة وبروج العذاب إن شاءه اللّه لهم.
وقال ابن عباس : أراد عين البصائر، والمعنى : لو نشاء لختمت عليهم بالكفر فلا يهتدي منهم أحد أبدا. والطمس : إذهاب الشيء وأثره جملة حتى كأنه لم يوجد. فإن