مفاتيح الغيب، ج ١، ص : ١٠١
أن ذات اللّه تعالى أشرف الذوات فكذلك ذكره أشرف الأذكار، واسمه أشرف الأسماء، فكما أنه في الوجود سابق على كل ما سواه وجب أن يكون ذكره سابقا على كل الأذكار، وأن يكون اسمه سابقا على كل الأسماء، وعلى هذا التقدير فقد حصل في لفظ الاسم هذه الفوائد الجليلة.
الباب الثاني فيما يتعلق بهذه الكلمة من القراءة والكتابة
أما المباحث المتعلقة بالقراءة فكثيرة :- الوقف على كلمات البسملة :
المسألة الأولى [الوقف على كلمات البسملة] : أجمعوا على أن الوقف على قوله :«بسم» ناقص قبيح، وعلى قوله :«بسم اللّه» أو على قوله :«بسم اللّه الرحمن» كاف صحيح، وعلى قوله :«بسم اللّه الرحمن الرحيم» تام واعلم أن الوقف لا بد وأن يقع على أحد هذه الأوجه الثلاثة، وهو أن يكون ناقصا، أو كافيا أو كاملا، فالوقف على كل كلام لا يفهم بنفسه ناقص، والوقف على كل كلام مفهوم المعاني إلا أن ما بعده يكون متعلقا بما قبله يكون كافيا، والوقف على كل كلام تام ويكون ما بعده منقطعا عنه يكون وقفا تاما.
ثم لقائل أن يقول : قوله :«الحمد للّه رب العالمين» كلام تام، إلا أن قوله :«الرحمن الرحيم ملك» متعلق بما قبله، لأنها صفات، والصفات تابعة للموصوفات، فإن جاز قطع الصفة عن الموصوف وجعلها وحدها آية فلم لم يقولوا بسم اللّه الرحمن آية؟ ثم يقولوا الرحيم آية ثانية، وإن لم يجز ذلك فكيف جعلوا الرحمن الرحيم آية مستقلة، فهذا الإشكال لا بد من جوابه.
حكم لام الجلالة :
المسألة الثانية [حكم لام الجلالة] : أطبق القراء على ترك تغليظ اللام في قوله :«بسم اللّه» وفي قوله :«الحمد للّه» والسبب فيه أن الانتقال من الكسرة إلى اللام المفخمة ثقيل، لأن الكسرة توجب التسفل، واللام المفخمة حرف مستعل، والانتقال من التسفل إلى التصعد ثقيل، وإنما استحسنوا تفخيم اللام وتغليظها من هذه الكلمة في حال كونها مرفوعة أو منصوبة كقوله : اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ [الشورى : ١٩] قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص : ١] وقوله : إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ [التوبة : ١١١].
المسألة الثالثة : قالوا المقصود من هذا التفخيم أمران : الأول : الفرق بينه وبين لفظ اللام / في الذكر، الثاني : أن التفخيم مشعر بالتعظيم، وهذا اللفظ يستحق المبالغة في التعظيم، الثالث : أن اللام الرقيقة إنما تذكر بطرف اللسان، وأما هذه اللام المغلظة فإنما تذكر بكل اللسان فكان العمل فيه أكثر فوجب أن يكون أدخل في الثواب، وأيضا جاء في التوراة يا موسى أجب ربك بكل قلبك، فههنا كان الإنسان يذكر ربه بكل لسانه، وهو يدل على أنه يذكره بكل قلبه، فلا جرم كان هذا أدخل في التعظيم.
المسألة الرابعة : لقائل أن يقول : نسبة اللام الرقيقة إلى اللام الغليظة كنسبة الدال إلى الطاء، وكنسبة


الصفحة التالية
Icon