مفاتيح الغيب، ج ١، ص : ٩٩
(ب) الإله هل هو رحيم كريم؟ فإن كان رحيما كريما فلم خلق الشيطان الرجيم وسلطه على العباد، وإن لم يكن رحيما كريما فأي فائدة في الرجوع إليه والاستعاذة به من شر الشيطان.
(ج) الملائكة في السموات هل يقولون :(أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم) فإن ذكروه فإنما يستعيذون من شرور أنفسهم لا من شرور الشيطان.
(د) أهل الجنة في الجنة هل يقولون أعوذ باللّه.
(ه) الأنبياء والصديقون لم يقولون (أعوذ باللّه) مع أن الشيطان أخبر أنه لا تعلق له بهم في قوله :
فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [ص : ٨٢، ٨٣].
(و) الشيطان أخبر أنه لا تعلق له بهم إلا في مجرد الدعوة حيث قال : وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ [إبراهيم : ٢٢] وأما الإنسان فهو الذي / ألقى نفسه في البلاء فكانت استعاذة الإنسان من شر نفسه أهم وألزم من استعاذته من شر الشيطان فلم بدأ بالجانب الأضعف وترك الجانب الأهم؟.
الكتاب الثاني في مباحث بسم اللّه الرحمن الرحيم وفيه أبواب
الباب الأول في مسائل جارية مجرى المقدمات
وفيه مسائل متعلق باء البسملة :
المسألة الأولى [متعلق باء البسملة] : قد بينا أن الباء من (بسم اللّه الرحمن الرحيم) متعلقة بمضمر، فنقول : هذا المضمر يحتمل أن يكون اسما، وأن يكون فعلا، وعلى التقديرين فيجوز أن يكون متقدما، وأن يكون متأخرا، فهذه أقسام أربعة، أما إذا كان متقدما وكان فعلا فكقولك : أبدأ باسم اللّه، وأما إذا كان متقدما وكان اسما فكقولك :
ابتداء الكلام باسم اللّه، وأما إذا كان متأخرا وكان فعلا فكقولك : باسم اللّه أبدأ، وأما إذا كان متأخرا وكان اسما فكقولك : باسم اللّه ابتدائي ويجب البحث هاهنا عن شيئين : الأول : أن التقديم أولى أم التأخير؟ فنقول كلاهما وارد في القرآن، أما التقديم فكقوله : بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها [هود : ٤١] وأما التأخير فكقوله : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق : ١] وأقول : التقديم عندي أولى، ويدل عليه وجوه : الأول : أنه تعالى قديم واجب الوجود لذاته، فيكون وجوده سابقا على وجود غيره، والسابق بالذات يستحق السبق، في الذكر، الثاني : قال تعالى :
هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ [الحديد : ٣] وقال : لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، [الروم : ٤] الثالث : أن التقديم في الذكر أدخل في التعظيم، الرابع : أنه قال : إِيَّاكَ نَعْبُدُ فههنا الفعل متأخر عن الاسم، فوجب أن يكون في قوله :(بسم اللّه) كذلك، فيكون التقدير باسم اللّه ابتدئ، الخامس : سمعت الشيخ الوالد ضياء الدين عمر رضي