مفاتيح الغيب، ج ١٥، ص : ٤٨٥
وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة، فقال عليه السلام :«إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد وشبك بين أصابعه»
وثلاثة أسهم لليتامى والمساكين وابن السبيل، وأما بعد وفاة الرسول صَلَّى اللّه عليه وسلّم، فعند الشافعي رحمه اللَّه : أنه يقسم على خمسة أسهم، سهم لرسول اللَّه، يصرف إلى ما كان يصرفه إليه من مصالح المسلمين، كعدة الغزاة من الكراع والسلاح، وسهم لذوي القربى من أغنيائهم وفقرائهم يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، والباقي للفرق الثلاثة وهم : اليتامى، والمساكين، وابن السبيل. وقال أبو حنيفة رحمه اللَّه : إن بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام سهمه ساقط بسبب موته، وكذلك سهم ذوي القربى، وإنما يعطون لفقرهم، فهو أسوة سائر الفقراء، ولا يعطى أغنياؤهم فيقسم على اليتامى والمساكين وابن السبيل. وقال مالك : الأمر في الخمس مفوض إلى رأي الإمام إن رأى قسمته على هؤلاء فعل، وإن رأى إعطاء بعضهم دون بعض، فله ذلك.
واعلم أن ظاهر الآية مطابق لقول الشافعي رحمه اللَّه وصريح فيه، فلا يجوز العدول عنه إلا لدليل منفصل أقوى منها، وكيف وقد قال في آخر الآية : إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ يعني : إن كنتم آمنتم باللَّه فاحكموا بهذه القسمة، وهو يدل على أنه متى لم يحصل الحكم بهذه القسمة، لم يحصل الإيمان باللَّه.
والقول الثاني : وهو قول أبي العالية : إن خمس الغنيمة يقسم على ستة أقسام، فواحد منها للَّه، وواحد لرسول اللَّه، والثالث لذوي القربى، والثلاثة الباقية لليتامى والمساكين وابن السبيل قالوا : والدليل عليه أنه تعالى جعل خمس الغنيمة للَّه، ثم للطوائف الخمسة، ثم القائلون بهذا القول / منهم من قال : يصرف سهم اللَّه إلى الرسول، ومنهم من قال : يصرف إلى عمارة الكعبة. وقال بعضهم : إنه عليه السلام كان يضرب يده في هذا الخمس، فما قبض عليه من شيء جعله للكعبة، وهو الذي سمي للَّه تعالى.
والقائلون بالقول الأول أجابوا عنه : بأن قوله : لِلَّهِ ليس المقصود منه إثبات نصيب للَّه. فإن الأشياء كلها ملك للَّه، وملكه وإنما المقصود منه افتتاح الكلام بذكر اللَّه على سبيل التعظيم، كما في قوله : قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ واحتج القفال على صحة هذا القول بما
روي عن رسول اللَّه صَلَّى اللّه عليه وسلّم، أنه قال لهم في غنائم خيبر :«مالي مما أفاء اللَّه عليكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم»
فقوله : مالي إلا الخمس يدل على أن سهم اللَّه وسهم الرسول واحد، وعلى الإضمام سهمه السدس لا الخمس، وإن قلنا : إن السهمين يكونان للرسول. صار سهمه أزيد من الخمس، وكلا القولين ينافي ظاهر قوله :«مالي إلا الخمس» هذا هو الكلام في قسمة خمس الغنيمة، وأما الباقي وهو أربعة أخماس الغنيمة فهي للغانمين. لأنهم الذين حازوه واكتسبوه كما يكتسب الكلأ بالاحتشاش، والطير بالاصطياد، والفقهاء استنبطوا من هذه الآية مسائل كثيرة مذكورة في كتب الفقه.
المسألة الرابعة : دلت الآية على أنه يجوز قسمة الغنائم في دار الحرب، كما هو قول الشافعي رحمه اللَّه، والدليل عليه : أن قوله : فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ يقتضي ثبوت الملك لهؤلاء في الغنيمة، وإذا حصل الملك لهم فيه، وجب جواز القسمة لأنه لا معنى للقسمة على هذا التقدير إلا صرف الملك إلى المالك، وذلك جائز بالاتفاق.
المسألة الخامسة : اختلفوا في ذوي القربى. قيل : هم بنو هاشم. وقال الشافعي رحمه اللَّه : هم بنو هاشم