مفاتيح الغيب، ج ١٩، ص : ٥٧
المقصود إلا بهذه الواسطة وذلك في حق اللّه تعالى محال، وإذا ثبت بالدليل أنه يمتنع تعليل أفعال اللّه تعالى وأحكامه بالعلل ثبت أن كل ظاهر أشعر به فإنه مؤول محمول على معنى آخر.
المسألة الثالثة : إنما شبه الكفر بالظلمات لأنه نهاية ما يتحير الرجل فيه عن طريق الهداية وشبه الإيمان بالنور لأنه نهاية ما ينجلي به طريق هدايته.
المس قوله تعالى وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ] وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى لما بين أنه إنما أرسل محمدا صلّى اللّه عليه وسلم إلى الناس ليخرجهم من الظلمات إلى النور، وذكر كمال إنعامه عليه وعلى قومه في ذلك الإرسال وفي تلك البعثة، أتبع ذلك بشرح بعثة سائر الأنبياء إلى أقوامهم وكيفية معاملة أقوامهم معهم تصبيرا للرسول عليه السلام على أذى قومه وإرشادا له إلى كيفية مكالمتهم ومعاملتهم فذكر تعالى على العادة المألوفة قصص بعض الأنبياء عليهم السلام فبدأ بذكر قصة موسى عليه السلام، فقال : وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا قال الأصم : آيات موسى عليه السلام هي العصا واليد والجراد والقمل والضفادع والدم وفلق البحر وانفجار العيون من الحجر وإظلال الجبل وإنزال المن والسلوى.
وقال الجبائي : أرسل اللّه تعالى موسى عليه السلام إلى قومه من بني إسرائيل بآياته وهي دلالاته وكتبه المنزلة عليه، وأمره أن يبين لهم الدين. وقال أبو مسلم الأصفهاني : إنه تعالى قال في صفة محمد صلّى اللّه عليه وسلم : كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [إبراهيم : ١] وقال في حق موسى عليه السلام : أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ والمقصود : بيان أن المقصود من البعثة واحد في حق جميع الأنبياء عليهم السلام، وهو أن يسعوا في إخراج الخلق من ظلمات الضلالات إلى أنوار الهدايات.
المسألة الثانية : قال الزجاج : قوله : أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ أي بأن أخرج قومك. ثم قال : أَنْ هاهنا


الصفحة التالية
Icon