مفاتيح الغيب، ج ٢، ص : ٣٨٧
تعالى : وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ [الزخرف : ٧٧] وأسماء جملتهم الزبانية قال تعالى : فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ [العلق : ١٧، ١٨] وسادسها : الموكلون ببني آدم لقوله تعالى : عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ، ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق ١٧، ١٨] وقوله تعالى : لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [الرعد : ١١] وقوله تعالى : وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً [الأنعام : ٦١]. وسابعها : كتبة الأعمال وهو قوله تعالى : وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ [الانفطار : ١٠- ١٢]. وثامنها : الموكلون بأحوال هذا العالم وهم المرادون بقوله تعالى : وَالصَّافَّاتِ صَفًّا [الصافات : ١] وبقوله : وَالذَّارِياتِ ذَرْواً إلى قوله : فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً [الذاريات : ١، ٤] وبقوله :
وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً [النازعات : ١]. وعن ابن عباس قال : إن للّه ملائكة سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الأشجار، فإذا أصاب أحدكم حرجة بأرض فلاة فليناد : أعينوا عباد اللّه يرحمكم اللّه. وأما أوصاف الملائكة فمن وجوه : أحدها : أن الملائكة رسل اللّه، قال تعالى : جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا [فاطر : ١] أما قوله تعالى : اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا [الحج : ٧٥] فهذا يدل على أن بعض الملائكة هم الرسل فقط، وجوابه أن من للتبيين لا للتبعيض. وثانيها : قربهم من اللّه تعالى، وذلك يمتنع أن يكون بالمكان والجهة فلم يبق إلا أن يكون ذلك القرب هو القرب بالشرف وهو المراد من قوله : وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ [الأنبياء : ١٩] وقوله : بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ [الأنبياء : ٢٦] وقوله : يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ [الأنبياء : ٢٠] وثالثها : وصف طاعاتهم وذلك من وجوه : الأول : قوله تعالى حكاية عنهم : وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ وقال في موضع آخر وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ [الصافات : ١٦٦] واللّه تعالى ما كذبهم في ذلك فثبت بها مواظبتهم على العبادة. الثاني : مبادرتهم إلى امتثال أمر اللّه تعظيماً له وهو قوله : فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ [الحجر : ٣٠]. الثالث : أنهم لا يفعلون شيئاً إلا بوحيه وأمره وهو قوله :
لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ [الأنبياء : ٢٧]. ورابعها : وصف قدرتهم وذلك من وجوه : الأول :
أن حملة العرش وهم ثمانية يحملون العرش والكرسي ثم إن الكرسي الذي هو أصغر من العرش أعظم من جملة السموات السبع لقوله : وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ [البقرة : ٢٥٥] فانظر إلى نهاية قدرتهم وقوتهم.
الثاني : أن علو العرش شيء لا يحيط به الوهم ويدل عليه قوله : تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [المعارج : ٤] ثم إنهم لشدة قدرتهم ينزلون منه في لحظة واحدة. الثالث : قوله تعالى : وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ [الزمر : ٦٨] فصاحب الصور يبلغ في القوة إلى حيث أن بنفخة واحدة منه يصعق من في السموات والأرض، وبالنفخة الثانية منه يعودون أحياء. فاعرف منه عظم هذه القوة. والرابع : أن جبريل عليه السلام بلغ في قوته إلى أن قلع جبال آل لوط وبلادهم دفعة واحدة. وخامسها : وصف خوفهم ويدل عليه وجوه : الأول : أنهم مع كثرة عباداتهم وعدم إقدامهم على الزلات ألبتة يكونون خائفين وجلين حتى كأن عبادتهم معاصي قال تعالى : يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [النحل : ٥٠] وقال : وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ [الأنبياء : ٢٨]. الثاني : قوله تعالى : حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ماذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سبأ : ٢٣]
روي في التفسير أن اللّه تعالى إذا تكلم بالوحي سمعه أهل السموات مثل صوت السلسلة على الصفوان ففزعوا فإذا انقضى الوحي قال بعضهم لبعض ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير،