مفاتيح الغيب، ج ٢١، ص : ٥١٣
به فاستقبلتها مريم وقد حملت بعيسى فقالت لها أم يحيى : يا مريم أحامل أنت؟ فقالت : لما ذا تقولين؟ فقالت :
إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك. وسابعها : أن الدين يحيا به لأنه إنما سأله زكريا لأجل الدين، واعلم.
أن هذه الوجوه ضعيفة لأن أسماء الألقاب لا يطلب فيها وجه الاشتقاق، ولهذا قال أهل التحقيق أسماء الألقاب قائمة مقام الإشارات وهي لا تفيد في المسمى صفة ألبتة.
[سورة مريم (١٩) : آية ٨]
قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (٨)
وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ حمزة والكسائي عتيا وصليا وجثيا وبكيا بكسر العين والصاد والجيم والباء، وقرأ حفص عن عاصم بكيا بالضم والباقي بالكسر والباقون جميعا بالضم، وقرأ ابن مسعود بفتح العين والصاد من عتيا وصليا. وقرأ أبي بن كعب وابن علام فخصه بالسلام عليه في هذه المواطن الثلاثة. وثالثها : قال عبد اللّه بن نفطويه : وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ
أي أول ما يرى الدنيا وَيَوْمَ / يَمُوتُ
أي أول يوم يرى فيه أول أمر الآخرة وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا
أي أول ما يوم يرى فيه الجنة والنار وهو يوم القيامة. وإنما قال : حَيًّا
تنبيها على كونه من الشهداء لقوله تعالى : بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران : ١٦٩] فروع. الأول : هذا السلام يمكن أن يكون من اللّه تعالى وأن يكون من الملائكة وعلى التقديرين فدلالة شرفه وفضله لا تختلف لأن الملائكة لا يسلمون إلا عن أمر اللّه تعالى. الثاني : ليحيى مزية في هذا السلام على ما لسائر الأنبياء عليهم السلام كقوله : سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ [الصافات : ٧٩]. سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ [الصافات : ١٠٩] لأنه قال ويَوْمَ وُلِدَ
وليس ذلك لسائر الأنبياء عليهم السلام. الثالث :
روي أن عيسى عليه السلام قال ليحيى عليه السلام : أنت أفضل مني لأن اللّه تعالى سلم عليك وأنا سلمت على نفسي،
وهذا ليس يقوى لأن سلام عيسى على نفسه يجري مجرى سلام اللّه على يحيى لأن عيسى معصوم لا يفعل إلا ما أمره اللّه به. الرابع : السلام عليه يوم ولد لا بد وأن يكون تفضلا من اللّه تعالى لأنه لم يتقدم منه ما يكون ذلك جزاء له، وأما السلام عليه يوم يموت ويوم يبعث في المحشر، فقد يجوز أن يكون ثوابا كالمدح والتعظيم واللّه تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon