مفاتيح الغيب، ج ٢٢، ص : ١٨٦
المسألة الثالثة : هما قبيلتان من جنس الإنس، يقال : الناس عشرة أجزاء تسعة منها يأجوج ومأجوج يخرجون حين يفتح السد.
المسألة الرابعة : قيل : السد يفتحه اللَّه تعالى ابتداء، وقيل : بل إذا جعل اللَّه تعالى الأرض دكا زالت الصلابة عن أجزاء الأرض فحينئذ ينفتح السد.
أما قوله تعالى : وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فحشو في أثناء الكلام، والمعنى إذا فتحت يأجوج واقترب الوعد الحق شخصت أبصار الذين كفروا، والحدب النشز من الأرض، ومنه حدبة الأرض، ومنه حدبة الظهر، وقرأ ابن عباس رضي اللَّه عنهما من كل جدث ينسلون، اعتبارا بقوله : فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ [يس : ٥١] وقرئ بضم السين ونسل وعسل أسرع ثم فيه قولان، قال أكثر المفسرين إنه كناية عن يأجوج ومأجوج، وقال مجاهد : هو كناية عن جميع المكلفين أي يخرجون من قبورهم من كل موضع فيحشرون إلى موقف الحساب، والأول هو الأوجه وإلا لتفكك النظم، وأن يأجوج ومأجوج إذا كثروا على ما روى في «الخبر»، فلا بد من أن ينشروا فيظهر إقبالهم على الناس من كل موضع مرتفع.
أما قوله تعالى : وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فلا شبهة أن الوعد المذكور هو يوم القيامة.
أما قوله : فَإِذا هِيَ فاعلم أن (إذا) هاهنا للمفاجأة فسمى الموعد وعدا تجوزا، وهي تقع في المجازاة سادة مسد الفاء كقوله : إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ [الروم : ٣٦] فإذا جاءت الفاء معها تعاونتا على وصل الجزاء بالشرط فيتأكد ولو قيل : فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ [إلي آخر الآية] أو فهي شاخصة كان سديدا، أما لفظة هِيَ فقد ذكر النحويون فيها ثلاثة أوجه. أحدها : أن تكون كناية عن الأبصار، والمعنى فإذا أبصار الذين كفروا شاخصة أبصارهم كني عن الإبصار ثم أظهر. والثاني : أن تكون عمادا ويصلح في موضعها هو فيكون كقوله : إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ [النمل : ٩] ومثله :
فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ [الحج : ٤٦] وجاز التأنيث لأن الأبصار مؤنثة وجاز التذكير للعماد وهو قول الفراء، وقال سيبويه الضمير للقصة بمعنى فإذا القصة شاخصة، يعني أن القصة أن أبصار الذين كفروا تشخص عند ذلك، ومعنى الكلام أن القيامة إذا قامت شخصت أبصار هؤلاء من شدة الأهوال، فلا تكاد تطرف من شدة ذلك اليوم، ومن توقع ما يخافونه، ويقولون : يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا يعني في الدنيا حيث كذبناه وقلنا :
إنه غير كائن بل كنا ظالمين أنفسنا بتلك الغفلة وبتكذيب محمد صلى اللَّه عليه وسلم وعبادة الأوثان، واعلم أنه لا بد قبل قوله يا ويلنا من حذف والتقدير يقولون يا ويلنا.
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٩٨ إلى ١٠٠]
إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ (٩٨) لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ (٩٩) لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ (١٠٠)
اعلم أن قوله : إِنَّكُمْ خطاب لمشركي مكة وعبدة الأوثان.
أما قوله تعالى : وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
روي أنه عليه السلام دخل المسجد وصناديد قريش في الحطيم وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما فجلس إليهم فعرض له النضر بن الحارث فكلمه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم