مفاتيح الغيب، ج ٢٢، ص : ١٩٦
بالقتل يوم بدر. وثانيها : افصل بيني وبينهم بما يظهر الحق للجميع وهو أن تنصرني عليهم.
أما قوله تعالى : وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ ففيه وجهان أحدهما : أي من الشرك والكفر وما تعارضون به دعوتي من الأباطيل والتكذيب كأنه سبحانه قال : قل داعيا لي : رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وقل متوعدا للكفار : وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ قرأ ابن عامر بالياء المنقوطة من تحت، أي قل لأصحابك المؤمنين، وربنا الرحمن المستعان على ما يصف الكفار من الأباطيل، أي من العون على دفع أباطيلهم. وثانيها : كانوا يطمعون أن تكون لهم الشوكة والغلبة فكذب اللَّه ظنونهم وخيب آمالهم ونصر رسوله صلى اللَّه عليه وسلم والمؤمنين وخذلهم، قال القاضي : إنما ختم اللَّه هذه السورة بقوله : قل رب احكم بالحق لأنه عليه السلام كان قد بلغ في البيان الغاية لهم وبلغوا النهاية في أذيته وتكذيبه فكان قصارى أمره تعالى بذلك تسلية له وتعريفا أن المقصود مصلحتهم، فإذا أبوا إلا التمادي في كفرهم، فعليك بالانقطاع إلى ربك ليحكم بينك وبينهم بالحق، إما بتعجيل العقاب بالجهاد أو بغيره، وإما بتأخير ذلك فإن أمرهم وإن تأخر فما هو كائن قريب، وما
روي أنه عليه السلام كان يقول ذلك في حروبه
كالدلالة على أنه تعالى أمره أن يقول هذا القول كالاستعجال للأمر بمجاهدتهم وباللَّه التوفيق، وصلاته على خير خلقه محمد النبي وآله وصحبه وسلم تسليما آمين.
وقد عني بتصحيحه ومراجعته والتعليق عليه على النسخة الأميرية المطبوعة في مطبعة بولاق المقر بالعجز والتقصير عبد اللَّه إسماعيل الصاوي عامله اللَّه بلطفه وجزى اللَّه طابعه حضرة السيد الفاضل عبد الرحمن أفندي محمد صاحب المطبعة البهية أحسن الجزاء وأثابه أجزل الصواب بحرصه على نشر العلم ونفع علماء المسلمين إنه سميع مجيب.
(تم الجزء الثاني والعشرون، ويليه الجزء الثالث والعشرون وأوله سورة الحج)