مفاتيح الغيب، ج ٢٣، ص : ٣١٥
يوسف رحمه اللَّه : ضرب ابن أبي ليلى المرأة القاذفة قائمة فخطأه أبو حنيفة.
المسألة الثالثة : يضرب بسوط وسط لا جديد يجرح ولا خلق لم يؤلم، ويضرب ضربا بين ضربين لا شديد ولا واه. روى أبو عثمان النهدي قال أتى عمر برجل في حد ثم جيء بسوط فيه شدة، فقال أريد ألين من هذا، فأتى بسوط فيه لين، فقال أريد أشد من هذا، فأتى بسوط بين السوطين فرضي به.
المسألة الرابعة : تفرق السياط على أعضائه ولا يجمعها في موضع واحد، واتفقوا على / أنه يتقي المهالك كالوجه والبطن والفرج، ويضرب على الرأس عند الشافعي رحمه اللَّه. وقال أبو حنيفة رحمه اللَّه : لا يضرب على الرأس، وهو قول علي حجة الشافعي رحمه اللَّه. قال أبو بكر أضرب على الرأس فإن الشيطان فيه.
وعن عمر أنه ضرب صبيغ ابن عسيل على رأسه حين سأل عن الذاريات على وجه التعنت، حجة أبي حنيفة رحمه اللَّه، أجمعنا على أنه لا يضرب على الوجه فكذا الرأس والجامع الحكم والمعنى. أما الحكم فلأن الشين الذي يلحق الرأس بتأثير الضرب كالذي يلحق الوجه، بدليل أن الموضحة وسائر الشجاج حكمها في الرأس والوجه واحد، وفارقا سائر البدن، لأن الموضحة فيما سوى الرأس والوجه إنما يجب فيها حكومة ولا يجب فيها أرش الموضحة والواقعة في الرأس والوجه، فوجب استواء الرأس والوجه في وجوب صونهما عن الضرب. وأما المعنى فهو إنما منع من ضرب الوجه لما كان فيه من الجناية على البصر، وذلك موجود في الرأس، لأن ضرب الرأس يظلم منه البصر، وربما حدث منه الماء في العين، وربما حدث منه اختلاط العقل.
أجاب أصحابنا عنه بأن الفرق بين الوجه والرأس ثابت، لأن الضربة إذا وقعت على الوجه، فعظم الجبهة رقيق فربما انكسر بخلاف عظم القفا، فإنه في نهاية الصلابة، وأيضا فالعين في نهاية اللطافة، فالضرب عليها يورث العمى، وأيضا فالضرب على الوجه يكسر الأنف لأنه من غضروف لطيف، ويكسر الأسنان لأنها عظام لطيفة، ويقع على الخدين وهما لحمان قريبان من الدماغ، والضربة عليهما في نهاية الخطر لسرعة وصول ذلك الأثر إلى جرم الدماغ، وكل ذلك لم يوجد في الضرب على الرأس.
المسألة الخامسة : لو فرق سياط الحد تفريقا لا يحصل به التنكيل، مثل أن يضرب كل يوم سوطا أو سوطين لا يحسب، وإن ضرب كل يوم عشرين أو أكثر يحسب، والأولى أن لا يفرق.
المسألة السادسة : إن وجب الحد على الحبلى لا يقام حتى تضع،
روى عمران بن الحصين : أن المرأة من جهينة أتت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهي حبلى من الزنا، فقالت يا نبي اللَّه أصبت حدا فأقمه علي، فدعا نبي اللَّه وليها فقال أحسن إليها، فإذا وضعت فاتني بها ففعل، فأمر بها نبي اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فشدت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها،
ولأن المقصود التأديب دون الإتلاف.
المسألة السابعة : إن وجب الجلد على المريض نظر، فإن كان به مرض يرجى زواله من صداع أو ضعف أو ولادة يؤخر حتى يبرأ، كما لو أقيم عليه حد أو قطع لا يقام عليه حد آخر حتى يبرأ من الأول، وإن كان به مرض لا يرجى زواله، كالسل والزمانة فلا يؤخر ولا يضرب بالسياط فإنه يموت وليس المقصود موته، وذلك لا يختلف سواء كان زناه في حال الصحة ثم مرض أو في حال المرض، بل يضرب بعثكال عليه مائة شمراخ فيقول ذلك مقام مائة جلدة. كما قال تعالى في قصة أيوب عليه السلام : وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ [ص : ٤٤] وعند / أبي حنيفة رحمه اللَّه : يضرب بالسياط، دليلنا ما
روي أن رجلا مقعدا أصاب امرأة فأمر


الصفحة التالية
Icon