مفاتيح الغيب، ج ٢٤، ص : ٤٤١
استلزم استحقاق الذم واستحقاق اللَّه تعالى الذم محال، ومستلزم المحال محال كان ذلك الترك محالا والمحال غير مقدور، فلم يكن اللَّه تعالى قادرا على أن لا يفعل فيلزم أن يكون ملجأ إلى الفعل، وإن كان الوجوب على التفسير الثاني وهو أن يقال الواجب ما يكون عدمه ممتنعا يكون القول بالإلجاء لازما، فلم يكن اللَّه قادرا، فإن قيل إنه ثبت بحكم الوعد، فنقول لو لم يفعل لا نقلب خبره الصدق كذبا وعلمه جهلا وذلك محال، والمؤدي إلى المحال محال فالترك محال فيلزم أن يكون ملجأ إلى الفعل والملجأ إلى الفعل لا يكون قادرا، ولا يكون مستحقا للثناء والمدح، / تمام السؤال وجوابه : أن فعل الشيء متقدم على الإخبار عن فعله وعن العلم بفعله، فيكون ذلك الفعل فعلا لا على سبيل الإلجاء، فكان قادرا ومستحقا للثناء والمدح.
المسألة الثانية : قوله : وَعْداً يدل على أن الجنة حصلت بحكم الوعد لا بحكم الاستحقاق وقد تقدم تقريره.
المسألة الثالثة : قوله : مَسْؤُلًا ذكروا فيه وجوها أحدها : أن المكلفين سألوه بقولهم : رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ [آل عمران : ١٩٤]، وثانيها : أن المكلفين سألوه بلسان الحال لأنهم لما تحملوا المشقة الشديدة في طاعته كان ذلك قائما مقام السؤال، قال المتنبي :
وفي النفس حاجات وفيك فطانة سكوتي كلام عندها وخطاب
وثالثها : الملائكة سألوا اللَّه تعالى ذلك بقولهم : رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ
] اعلم أن قوله تعالى : وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ راجع إلى قوله : وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً [الفرقان : ٣] ثم هاهنا مسائل :
المسألة الأولى : يَحْشُرُهُمْ فنقول كلاهما بالنون والياء وقرئ نحشرهم بكسر الشين.


الصفحة التالية
Icon