مفاتيح الغيب، ج ٢٤، ص : ٤٥٨
المسألة الأولى :
عن أبي هريرة عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم :«يحشر الناس على ثلاثة أصناف صنف على الدواب وصنف على الأقدام وصنف على الوجوه»
وعنه عليه السلام :«إن الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم».
المسألة الثانية : الأقرب أنه صفة للقوم الذين أوردوا هذه الأسئلة على سبيل التعنت، وإن كان غيرهم من أهل النار يدخل معهم.
المسألة الثالثة :
حمله بعضهم على أنهم يمشون في الآخرة مقلوبين، وجوههم إلى القرار وأرجلهم إلى فوق، روي ذلك عن الرسول صلى اللَّه عليه وسلم
وقال آخرون المراد
أنهم يحشرون ويسحبون على وجوههم، وهذا أيضا مروي عن الرسول عليه الصلاة والسلام
وهو أولى، وقال الصوفية : الذين تعلقت قلوبهم بما سوى اللَّه فإذا ماتوا بقي ذلك التعلق فعبر عن تلك الحالة بأنهم يحشرون على وجوههم إلى جهنم، ثم بين تعالى أنهم شر مكانا من أهل الجنة وأضل سبيلا وطريقا، والمقصود منه الزجر عن طريقهم والسؤال عليه كما ذكرناه على قوله : أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا [الفرقان : ٢٤] وقد تقدم الجواب عنه.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٣٥ إلى ٣٦] وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً (٣٥) فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً (٣٦)
واعلم أنه تعالى بعد أن تكلم في التوحيد ونفي الأنداد وإثبات النبوة والجواب عن شبهات المنكرين لها وفي أحوال القيامة شرع في ذكر القصص على السنة المعلومة.
القصة الأولى- قصة موسى عليه السلام
اعلم أنه تعالى لما قال : وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا [الفرقان : ٣١] أتبعه بذكر جماعة من الأنبياء وعرفه بما نزل بمن كذب من أممهم فقال : وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً والمعنى :
لست يا محمد بأول من أرسلناه فكذب، وآتيناه الآيات فرد، فقد آتينا موسى التوراة وقوينا عضده بأخيه هارون ومع ذلك فقد رد، وفيه مسائل :
المسألة الأولى : كونه وزيرا لا يمنع من كونه شريكا له في النبوة، فلا وجه لقول من قال في قوله :
فَقُلْنَا اذْهَبا إنه خطاب لموسى عليه السلام وحده بل يجري مجرى قوله : اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى [طه :
٤٣] فإن قيل إن كونه وزيرا كالمنافي لكونه شريكا بل يجب أن يقال إنه لما صار شريكا خرج عن كونه وزيرا، قلنا لا منافاة بين الصفتين لأنه لا يمتنع أن يشركه في النبوة ويكون وزيرا وظهيرا ومعينا له.
المسألة الثانية : قال الزجاج الوزير في اللغة الذي يرجع إليه ويتحصن برأيه والوزر ما يعتصم به ومنه كَلَّا لا وَزَرَ [القيامة : ١١] أي لا منجى ولا ملجأ، قال القاضي : ولذلك لا يوصف تعالى بأن له وزيرا ولا يقال فيه أيضا بأنه وزير لأن الالتجاء إليه في المشاورة والرأي على هذا الحد لا يصح.
المسألة الثالثة : فَدَمَّرْناهُمْ أهلكناهم إهلاكا فإن قيل : الفاء للتعقيب والإهلاك لم يحصل عقيب ذهاب


الصفحة التالية
Icon