مفاتيح الغيب، ج ٢٤، ص : ٥٢٦
أما قوله تعالى : أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ فيحتمل عوده إلى الآتي : أي أنتم من جملة العالمين صرتم مخصوصين بهذه الصفة، وهي إتيان الذكران، ويحتمل عوده إلى المأتي، أي أنتم اخترتم الذكران من العالمين لا الإناث منهم.
وأما قوله تعالى : مِنْ أَزْواجِكُمْ فيصلح أن يكون تبيينا لما خلق وأن يكون للتبعيض، ويراد بما خلق العضو المباح منهن، وكأنهم كانوا يفعلون مثل ذلك بنسائهم، والعادي هو المتعدي في ظلمه، ومعناه أترتكبون هذه المعصية على عظمها بل أنتم قوم عادون في جميع المعاصي فهذا من جملة ذاك، أو بل أنتم قوم أحقاء بأن توصفوا بالعدوان حيث ارتكبتم مثل هذه الفاحشة، فقالوا له عليه السلام : لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ أي لتكونن من جملة من أخرجناه من بلدنا، ولعلهم كانوا يخرجون من أخرجوه على أسوا الأحوال، فقال لهم لوط عليه السلام : إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ القلي البغض الشديد، كأنه بغض يقلي الفؤاد والكبد، وقوله : مِنَ الْقالِينَ أبلغ من أن يقول إني لعملكم قال، كما يقال فلان من العلماء فهو أبلغ من قولك فلان عالم، ويجوز أن يراد من الكاملين في قلاكم، ثم قال تعالى : فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ والمراد : فنجيناه وأهله من عقوبة عملهم إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ فإن قيل : فِي الْغابِرِينَ صفة لها كأنه قيل إلا عجوزا غابرة، ولم يكن الغبور صفتها وقت تنجيتهم جوابه : معناه إلا عجوزا مقدرا غبورها، قيل إنها هلكت مع من خرج من القرية


الصفحة التالية
Icon