مفاتيح الغيب، ج ٢٤، ص : ٥٦١
العدد لاختلاف صفتهم وأحوالهم لا لاختلاف السبب، فبين تعالى أنهم يفسدون في الأرض ولا يمزجون ذلك الفساد بشيء من الصلاح، فلهذا قال : يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ ثم بين تعالى أن من جملة ذلك ما هموا به من أمر صالح عليه السلام.
أما قوله : تَقاسَمُوا بِاللَّهِ فيحتمل أن يكون أمرا أو خبرا في محل الحال بإضمار قد، أي قالوا متقاسمين، والبيات متابعة العدو ليلا.
أما قوله : ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ يعني لو اتهمنا قومه حلفنا لهم أنا لم نحضر. وقرئ (مهلك) بفتح الميم واللام وكسرها «١» من هلك ومهلك بضم الميم من أهلك، ويحتمل المصدر والمكان والزمان، ثم إنه سبحانه قال : وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ وقد اختلفوا في مكر اللَّه تعالى على وجوه : أحدها : أن مكر اللَّه إهلاكهم من حيث لا يشعرون، شبه بمكر الماكر على سبيل الاستعارة،
روي أنه كان لصالح عليه السلام مسجد في الحجر في شعب يصلي فيه، فقالوا زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاث فنحن نفرغ منه، ومن أهله قبل الثلاث فخرجوا إلى الشعب وقالوا إذا جاء يصلي قتلناه، ثم رجعنا إلى أهله فقتلناهم، فبعث اللَّه تعالى صخرة فطبقت الصخرة عليهم فم الشعب فهلكوا وهلك الباقون بالصيحة
وثانيها : جاءوا بالليل شاهرين سيوفهم وقد أرسل اللَّه تعالى الملائكة ملء دار صالح فدمغوهم بالحجارة، يرون الأحجار ولا يرون راميا وثالثها : أن اللَّه تعالى أخبر صالحا بمكرهم فتحرز عنهم فذلك مكر اللَّه تعالى في حقهم.
أما قوله : أَنَّا دَمَّرْناهُمْ استئناف، ومن قرأ بالفتح رفعه بدلا من العاقبة أو خبر مبتدأ محذوف تقديره هي تدمرهم أو نصبه على معنى لأنا أو على أنه خبر كان أي كان عاقبة مكرهم الدمار.
أما قوله : خاوِيَةً فهو حال عمل فيها ما دل عليه تلك، وقرأ عيسى بن عمر (خاوية) بالرفع على خبر المبتدأ المحذوف واللَّه أعلم «٢».
[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٥٤ إلى ٥٨]
وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨)
القصة الرابعة- قصة لوط عليه السلام

(١) يريد كسر اللام، وأما الميم فهو مفتوح في الحالين.
(٢) لا داعي لحذف المبتدأ وهو هنا فَتِلْكَ وبُيُوتُهُمْ بدل و(خاوية) خبر.


الصفحة التالية
Icon