مفاتيح الغيب، ج ٢٧، ص : ٥٣٦
لو قيل فلم ينفعهم إيمانهم؟ قلنا هو مثل كان في نحو قوله ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ [مريم : ٣٥] والمعنى فلم يصح ولم يستقم أن ينفعهم إيمانهم، فإن قيل اذكروا ضابطا في الوقت الذي لا ينفع الإتيان / بالإيمان فيه، قلنا إنه الوقت الذي يعاين فيه نزول ملائكة الرحمة والعذاب، لأن في ذلك الوقت يصير المرء ملجأ إلى الإيمان فذلك الإيمان لا ينفع إنما ينفع مع القدرة على خلافه، حتى يكون المرء مختارا، أما إذا عاينوا علامات الآخرة فلا.
ثم قال تعالى : سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ والمعنى أن عدم قبول الإيمان حال اليأس سنة اللّه مطردة في كل الأمم.
ثم قال : وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ فقوله هُنالِكَ مستعار للزمان أي وخسروا وقت رؤية البأس، واللّه الهادي للصواب.
تمّ تفسير هذه السورة يوم السبت الثاني من ذي الحجة من سنة ثلاث وستمائة من الهجرة في بلدة هراة.
يا من لا يبلغ أدنى ما استأثرت به من جلالك وعزتك أقصى نعوت الناعتين، يا من تقاصرت عن الإحاطة بمبادئ أسرار كبريائه أفهام المتفكرين، وأنظار المتأملين لا تجعلنا بفضلك ورحمتك في زمرة الخاسرين المبطلين ولا تجعلنا يوم القيامة من المحرومين، فإنك أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين.
والحمد للّه رب العالمين، وصلوات اللّه على سيدنا محمد النبي وآله وصحبه أجمعين.