مفاتيح الغيب، ج ٢٨، ص : ٢٣٠
بقي من الزمان وكذلك وَإِدْبارَ النُّجُومِ [الطور : ٤٩] وهو أول الصبح. وقوله تعالى :
[سورة الطور (٥٢) : آية ٤٩]
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ (٤٩)
وقد تقدم تفسيره وهو كقوله تعالى : فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ [الروم : ١٧] وقد ذكرنا فائدة الاختصاص بهذه الأوقات ومعناه، ونختم هذه السورة بفائدة وهي أنه تعالى قال هاهنا وَإِدْبارَ النُّجُومِ وقال في ق [٤٠] وَأَدْبارَ السُّجُودِ، ويحتمل أن يقال المعنى واحد والمراد من السجود جمع ساجد وللنجوم سجود قال تعالى : وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ [الرحمن : ٦] وقيل المراد من النجم نجوم السماء وقيل النجم ما لا ساق له من النبات قال اللّه تعالى : يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ [الحج :
١٨] «١» أو المراد من النجوم الوظائف وكل وظيفة نجم في اللغة أي إذا فرغت من وظائف الصلاة فقل سبحان اللّه، وقد ورد في الحديث :«من قال عقيب الصلاة سبحان اللّه عشر مرات والحمد للّه عشر مرات واللّه أكبر عشر مرات كتب له ألف حسنة»
فيكون المعنى في الموضعين واحد لأن السجود من الوظائف والمشهور والظاهر أن المراد من إدبار النجوم وقت الصبح حيث يدبر النجم ويخفى ويذهب ضياؤه بضوء الشمس، وحينئذ تبين ما ذكرنا من الوجه الخامس في قوله حِينَ تَقُومُ [الطور : ٤٨] أن المراد منه النهار لأنه محل القيام وَمِنَ اللَّيْلِ القدر الذي يكون الإنسان في يقظان فيه وَإِدْبارَ النُّجُومِ وقت الصبح فلا يخرج عن التسبيح إلا وقت النوم، وهذا آخر تفسير هذه السورة واللّه أعلم، والحمد للّه ربّ العالمين وصلّى اللّه على سيدنا محمد وآله وسلّم.

(١) في تفسير الرازي المطبوع (و للّه يسجد من في السماوات ومن في الأرض) وهو خطأ وما أثبتناه هو الصواب.


الصفحة التالية
Icon