مفاتيح الغيب، ج ٢٨، ص : ٩٠
وقوله تعالى : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أي وعد ليغيظ بهم الكفار يقال رغما لأنفك أنعم عليه.
وقوله تعالى : مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً لبيان الجنس لا للتبعيض، ويحتمل أن يقال هو للتبعيض، ومعناه : ليغيظ الكفار والذين آمنوا من الكفار لهم الأجر العظيم، والعظيم والمغفرة قد تقدم مرارا واللّه تعالى أعلم، وهاهنا لطيفة وهو أنه تعالى قال في حق الراكعين والساجدين إنهم يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وقال : لهم أجر ولم يقل لهم ما يطلبونه من ذلك الفضل وذلك لأن المؤمن عند العمل لم يلتفت إلى عمله ولم يجعل له أجرا يعتد به، فقال لا أبتغي إلا فضلك، فإن عملي نزر لا يكون له أجر واللّه تعالى آتاه ما آتاه من الفضل وسماه أجرا إشارة إلى قبول عمله ووقوعه الموقع وعدم كونه عند اللّه نزرا لا يستحق عليه المؤمن أجرا، وقد علم بما ذكرنا مرارا أن قوله وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لبيان ترتب المغفرة على الإيمان فإن كل مؤمن يغفر له كما قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ [النساء : ٤٨] والأجر العظيم على العمل الصالح واللّه أعلم.
قال المصنف رحمه اللّه تعالى : تمّ تفسير هذه السورة يوم الخميس السابع عشر من شهر ذي الحجة سنة ثلاث وستمائة من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، والحمد للّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.


الصفحة التالية
Icon