مفاتيح الغيب، ج ٢٩، ص : ٥٠٠
إسناد الفعل إلى الفاعل والنعمة الثانية : قوله : وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وفيه قولان : الأول : قال ابن عباس :
نصرهم على عدوهم، وسمى تلك النصرة روحا لأن بها يحيا أمرهم والثاني : قال السدي : الضمير في قوله :
مِنْهُ عائد إلى الإيمان والمعنى أيدهم بروح من الإيمان يدل عليه قوله : وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا [الشورة : ٥٢] النعمة الثالثة : وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وهو إشارة إلى نعمة الجنة النعمة الرابعة : قوله تعالى : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وهي نعمة الرضوان، وهي أعظم النعم وأجل المراتب، ثم لما عدد هذه النعم ذكر الأمر الرابع من الأمور التي توجب ترك الموادة مع أعداء اللَّه فقال :
أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وهو في مقابلة قوله فيهم : أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ [المجادلة : ١٩].
واعلم أن الأكثرين اتفقوا على أن قوله : لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وإخباره أهل مكة بمسير النبي صلى اللَّه عليه وسلم إليهم لما أراد فتح مكة، وتلك القصة معروفة وبالجملة فالآية زجر عن التودد إلى الكفار والفساق.
عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه كان يقول :«اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي نعمة فإني وجدت فيما أو حيث لا تَجِدُ قَوْماً إلى آخره»
واللَّه سبحانه وتعالى أعلم، والحمد للَّه رب العالمين، وصلاته وسلامه على سيد المرسلين وخاتم النبيين، سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين.


الصفحة التالية
Icon