مفاتيح الغيب، ج ٣٠، ص : ٥٦٠
طلاق امرأته إذا لم يكن بينهما ولد ولا يرغب في ذلك إذا كانت حاملا منه بولد، فإذا طلقها وهي مجامعة وعنده أنها حائل في ظاهر الحال ثم ظهر بها حمل ندم على طلاقها ففي طلاقه إياها في الحيض سوء نظر للمرأة، وفي الطلاق في الطهر الذي جامعها فيه وقد حملت فيه سوء نظر للزوج، فإذا طلقت وهي طاهر غير مجامعة أمن هذان الأمران، لأنها تعتد عقب طلاقه إياها، فتجري في الثلاثة قروء، والرجل أيضا في الظاهر على أمان من اشتمالها على ولد منه.
الثاني : هل يقع الطلاق المخالف للسنة؟ نقول : نعم، وهو آثم لما
روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أن رجلا طلق امرأته ثلاثا بين يديه، فقال له :«أو تلعبون بكتاب اللّه وأنا بين أظهركم».
الثالث : كيف تطلق للسنة التي لا تحيض لصغر أو كبر أو غير ذلك؟ نقول : الصغيرة والآيسة والحامل كلهن عند أبي حنيفة وأبي يوسف يفرق عليهن الثلاث في الأشهر، وقال محمد وزفر : لا يطلق للسنة إلا واحدة، وأما غير المدخول بها فلا تطلق للسنة إلا واحدة، ولا يراعى الوقت.
الرابع : هل يكره أن تطلق المدخول بها واحدة بائنة؟ نقول : اختلفت الرواية فيه عن أصحابنا، والظاهر الكراهة.
الخامس : إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ عام يتناول المدخول بهن، وغير المدخول بهن من ذوات الأقراء، والآيسات والصغار والحوامل، فكيف يصح تخصيصه بذوات الأقراء، والمدخول بهن؟ نقول : لا عموم ثمة ولا خصوص أيضا، لكن النساء اسم جنس للإناث من الإنس، وهذه الجنسية معنى قائم في كلهن، وفي بعضهن، فجاز أن يراد بالنساء هذا وذاك فلما قيل : فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ عام أنه أطلق على بعضهن، وهن المدخول بهن من المعتدات بالحيض، كذا ذكره في «الكشاف» :.
[في قوله تعالى وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ إلى قوله يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً] ثم قال تعالى : وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً.
قوله : اتَّقُوا اللَّهَ قال مقاتل : اخشوا اللَّه فلا تعصوه فيما أمركم ولا تُخْرِجُوهُنَّ أي لا تخرجوا المعتدات من المساكن التي كنتم تساكنونهن فيها قبل الطلاق، فإن كانت المساكن عارية فارتجعت كان على الأزواج أن يعينوا مساكن أخرى بطريق الشراء، أو بطريق الكراء، أو بغير ذلك، وعلى الزوجات أيضا أن لا يخرجن حقا اللَّه تعالى إلا لضرورة ظاهرة، فإن خرجت ليلا أو نهارا كان ذلك الخروج حراما، ولا تنقطع العدة.
وقوله تعالى : إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ قال ابن عباس : هو أن يزنين فيخرجن لإقامة الحد عليهن، قال الضحاك الأكثرون : فالفاحشة على هذا القول هي الزنا، وقال ابن عمر : الفاحشة خروجهن قبل انقضاء العدة، قال السدي والباقون : الفاحشة المبينة هي العصيان المبين، وهو النشوز، وعن ابن عباس : إلا أن يبذون فيحل إخراجهن لبذائهن وسوء خلقهن، فيحل للأزواج إخراجهن من بيوتهن، وفي الآية مباحث :
البحث الأول : هل للزوجين التراضي على إسقاطها؟ نقول : السكنى الواجبة في حال قيام الزوجية حق للمرأة وحدها فلها إبطالها، ووجه هذا أن الزوجين ما داما ثابتين على النكاح فإنما مقصودهما المعاشرة