مفاتيح الغيب، ج ٣٠، ص : ٥٧٦
وقرئ : بكلمة اللَّه وكتابه أي بعيسى وكتابه وهو الإنجيل، فإن قيل :(لم قيل) «١» مِنَ الْقانِتِينَ على التذكير، نقول : لأن القنوت صفة تشمل من قنت من القبيلين، فغلب ذكوره على إناثه، ومن للتبعيض، قاله في «الكشاف»، وقيل : من القانتين لأن المراد هو القوم، وأنه عام، ك ارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ [آل عمران : ٤٣] أي كوني من المقيمين على طاعة اللّه تعالى، ولأنها من أعقاب هارون أخي موسى عليهما السلام.
[البحث الثاني ] وأما ضرب المثل بامرأة نوح المسماة بواعلة، وامرأة لوط المسماة بواعلة، فمشتمل على فوائد متعددة لا يعرفها بتمامها إلا اللّه تعالى، منها التنبيه للرجال والنساء على الثواب العظيم، والعذاب الأليم، ومنها العلم بأن صلاح الغير لا ينفع المفسد، وفساد الغير لا يضر المصلح، ومنها أن الرجل وإن كان في غاية الصلاح فلا يأمن المرأة، ولا يأمن نفسه، كالصادر من امرأتي نوح ولوط، ومنها العلم بأن إحصان المرأة وعفتها مفيدة غاية الإفادة، كما أفاد مريم بنت عمران، كما أخبر اللّه تعالى، فقال : إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ [آل عمران : ٤٢] ومنها التنبيه على أن التضرع بالصدق في حضرة اللّه تعالى وسيلة إلى الخلاص من العقاب، وإلى الثواب بغير حساب، وأن الرجوع إلى الحضرة الأزلية لازم في كل باب، وإليه المرجع والمآب، جلت قدرته وعلت كلمته، لا إله إلا هو وإليه المصير، والحمد للّه رب العالمين، وصلاته على سيد المرسلين، وآله وصحبه وسلم.

(١) تعليقة المرجع السابق نفسها.


الصفحة التالية
Icon