مفاتيح الغيب، ج ٣٠، ص : ٦٧٠
وكذا الأشعار المنسوبة إلى أهل الجاهلية لعلها مختلفة عليهم ومنحولة.
المقام الثاني : وهو الأقرب إلى الصواب أن هذه الشهب كانت موجودة قبل المبعث إلا أنها زيدت بعد المبعث وجعلت أكمل وأقوى، وهذا هو الذي يدل عليه لفظ القرآن لأنه قال : فَوَجَدْناها مُلِئَتْ [الجن : ٨] وهذا يدل على أن الحادث هو الملء والكثرة وكذلك قوله : نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ أي كنا نجد فيها بعض المقاعد خالية من الحرس والشهب والآن ملئت المقاعد كلها، فعلى هذا الذي حمل الجن على الضرب في البلاد وطلب السبب، إنما هو كثرة الرجم ومنع الاستراق بالكلية.
النوع التاسع : قوله تعالى :
[سورة الجن (٧٢) : آية ١٠]
وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (١٠)
وفيه قولان : أحدهما : أنا لا ندري أن المقصود من المنع من الاستراق هو أشر أريد بأهل الأرض أم صلاح وخير والثاني : لا ندري أن المقصود من إرسال محمد الذي عنده منع من الاستراق هو أن يكذبوه فيهلكوا كما هلك من كذب من الأمم، أم أراد أن يؤمنوا فيهتدوا.
النوع العاشر : قوله تعالى :
[سورة الجن (٧٢) : آية ١١]
وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً (١١)
أي منا الصالحون المتقون أي ومنا قوم دون ذلك فحذف الموصوف كقوله : وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ [الصافات : ١٦٤] ثم المراد بالذين هم دون الصالحين من؟ فيه قولان : الأول : أنهم المقتصدون الذين يكونون في الصلاح غير كاملين والثاني : أن المراد من لا يكون كاملا في الصلاح، فيدخل فيه المقتصدون والكافرون، والقدة من قدد، كالقطعة من قطع. ووصفت الطرائق بالقدد لدلالتها على معنى التقطع والتفرق، وفي تفسير الآية وجوه أحدها : المراد كنا ذوي طرائق قددا أي ذوي مذاهب مختلفة. قال السدي : الجن أمثالكم، فيهم مرجئة وقدرية وروافض وخوارج وثانيها : كنا في اختلاف أحوالنا مثل الطرائق المختلفة وثالثها : كانت طرائقنا طرائق قددا على حذف المضاف الذي هو الطرائق، وإقامة الضمير المضاف إليه مقامه.
النوع الحادي عشر : قوله تعالى :
[سورة الجن (٧٢) : آية ١٢]
وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (١٢)
الظن بمعنى اليقين، وفِي الْأَرْضِ وهَرَباً فيه وجهان الأول : أنهما حالان، أي لن نعجزه كائنين في الأرض أينما كنا فيها، ولن نعجزه هاربين منها إلى السماء والثاني : لن نعجزه في الأرض إن أراد بنا أمرا، ولن نعجزه هربا إن طلبنا.
النوع الثاني عشر : قوله تعالى :
[سورة الجن (٧٢) : آية ١٣]
وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (١٣)
لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى أي القرآن، قال تعالى : هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة : ٢] آمَنَّا بِهِ أي آمنا بالقرآن


الصفحة التالية
Icon