مفاتيح الغيب، ج ٣٠، ص : ٧٦٨
بالتثقيل، أما التخفيف فلا نزاع في كونه مصدرا، والمعنى إعذارا وإنذارا، وأما التثقيل فزعم أبو عبيدة أنه جمع وليس بمصدر، وأما الأخفش والزجاج فزعما أنه مصدر، والتثقيل والتخفيف لغتان، وقرر أبو علي قول الأخفش والزجاج، وقال : العذر والعذير والنذر والنذير مثل النكر والنكير، ثم قال أبو علي : ويجوز في قراءة من ثقل أن يكون عذرا جمع عاذر كشرف وشارف، وكذلك النذر يجوز أن يكون جمع نذير، قال تعالى : هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى [النجم : ٥٦].
المسألة الثانية : في النصب ثلاثة أوجه، أما على تقدير كونه مصدرا فوجهان أحدهما : أن يكون مفعولا على البدل من قوله : ذكرا والثاني : أن يكون مفعولا له، والمعنى والملقيات ذكرا للأعذار والإنذار، وأما على تقدير كونه جمعا، فنصب على الحال من الإلقاء والتقدير فالملقيات ذكرا حال كونهم عاذرين ومنذرين.
[سورة المرسلات (٧٧) : آية ٧]
إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (٧)
جواب القسم والمعنى، إن الذي توعدون به من مجيء / يوم القيامة لكائن نازل، وقال الكلبي : المراد أن كل ما توعدون به من الخير والشر لواقع، واحتج القائلون بالتفسير الأول بأنه تعالى ذكر عقيب هذه الآيات، علامات يوم القيامة، فدل على أن المراد من هذه الآية هو القيامة فقط، ثم إنه ذكر علامات وقوع هذا اليوم.
أولها : قوله تعالى :
[سورة المرسلات (٧٧) : آية ٨]
فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨)
وذكرنا تفسير الطمس عند قوله : رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ [يونس : ٨٨] وبالجملة فيحتمل أن يكون المراد محقت ذواتها، وهو موافق لقوله : انْتَثَرَتْ [الإنفطار : ٢] وانْكَدَرَتْ [التكوير : ٢] وأن يكون المراد محقت أنوارها، والأول أولى، لأنه لا حاجة فيه إلى الإضمار. ويجوز أن يمحق نورها ثم تنتثر ممحوقة النور.
وثانيها :
[سورة المرسلات (٧٧) : آية ٩]
وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (٩)
الفرج الشق يقال : فرجه اللّه فانفرج، وكل مشقوق فرج، فههنا قوله : فرجت أي شقت نظيره وإِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ [الانشقاق : ١] ويَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ [الفرقان : ٢٥] وقال ابن قتيبة : معناه فتحت، نظيره وَفُتِحَتِ السَّماءُ [النبأ : ١٩] قال الشاعر :
الفارجي باب الأمير المبهم
وثالثها : قوله :
[سورة المرسلات (٧٧) : آية ١٠]
وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (١٠)
وفيه وجهان أحدهما : نسفت كالحب المغلث إذا نسف بالمنسف، ومنه قوله : لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ [طه : ٩٧] ونظيره وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا [الواقعة : ٥] وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا [المزمل : ١٤] فَقُلْ