مفاتيح الغيب، ج ٣١، ص : ١٤٣
[سورة الغاشية (٨٨) : آية ١٣]
فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣)
أي عالية في الهواء وذلك لأجل أن يرى المؤمن إذا جلس عليها جميع ما أعطاه ربه في الجنة من النعيم والملك، وقال خارجة بن مصعب : بلغنا أنها بعضها فوق بعض فيرتفع ما شاء اللّه فإذا جاء ولي اللّه ليجلس عليها تطامنت له فإذا استوى عليها ارتفعت إلى حيث شاء اللّه، والأول أولى، وإن كان الثاني أيضا غير ممتنع لأن ذلك بما كان أعظم في سرور المكلف، قال ابن عباس : هي سرر ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت مرتفعة في السماء. الصفة الخامسة : قوله تعالى :
[سورة الغاشية (٨٨) : آية ١٤]
وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤)
الأكواب الكيزان التي لا عرى لها قال قتادة : فهي دون الأباريق. وفي قوله : مَوْضُوعَةٌ وجوه أحدها :
أنها معدة لأهلها كالرجل يلتمس من الرجل شيئا فيقول هو هاهنا موضوع بمعنى معد وثانيها : موضوعة على حافات العيون الجارية كلما أرادوا الشرب وجدوها مملوءة من الشرب وثالثها : موضوعة بين أيديهم لاستحسانهم إياها بسبب كونها من ذهب أو فضة أو من جوهر، وتلذذهم بالشراب منها ورابعها : أن يكون المراد موضوعة عن حد الكبر أي هي أوساط بين الصغر والكبر كقوله : قَدَّرُوها تَقْدِيراً. [الإنسان : ١٦]. الصفة السادسة :
قوله تعالى :
[سورة الغاشية (٨٨) : آية ١٥]
وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥)
النمارق هي الوسائد في قول الجميع واحدها نمرقة بضم النون، وزاد الفراء سماعا عن العرب نمرقة بكسر النون، قال الكلبي : وسائد مصفوفة بعضها إلى جانب بعض أينما أراد أن يجلس جلس على واحدة واستند إلى أخرى. الصفة السابعة : قوله تعالى :
[سورة الغاشية (٨٨) : آية ١٦]
وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦)
يعني البسط والطنافس واحدها زربية وزربي بكسر الزاي في قول جميع أهل اللغة، وتفسير مبثوثة مبسوطة منشورة أو مفرقة في المجالس.
[سورة الغاشية (٨٨) : آية ١٧]
أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧)
اعلم أنه تعالى لما حكم بمجيء يوم القيامة وقسم أهل القيامة إلى قسمين الأشقياء والسعداء ووصف أحوال الفريقين وعلم أنه لا سبيل إلى إثبات ذلك إلا بواسطة إثبات الصانع الحكيم، لا جرم أتبع ذلك بذكر هذه الدلالة فقال : أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ وجه الاستدلال بذلك على صحة المعاد أنها تدل على وجود الصانع الحكيم، ومتى ثبت ذلك فقد ثبت القول بصحة المعاد. أما الأول : فلأن الأجسام متساوية في الجسمية فاختصاص كل واحد منها بالوصف الذي لأجله امتاز على الآخر، لا بد وأن يكون لتخصيص مخصص وإيجاد قادر، ولما رأينا هذه الأجسام مخلوقة على وجه الإتقان والإحكام علمنا أن ذلك الصانع عالم، ولما علمنا أن ذلك الصانع لا بد وأن يكون مخالفا لخلقه في نعت الحاجة والحدوث والإمكان علمنا أنه غني، فهذا يدل على


الصفحة التالية
Icon