مفاتيح الغيب، ج ٣١، ص : ٦٠
وثانيها : قوله تعالى : وَعِنَباً وإنما ذكره بعد الحب لأنه غذاء من وجه وفاكهة من وجه.
وثالثها : قوله تعالى : وَقَضْباً وفيه قولان :
الأول : أنه الرطبة وهي التي إذا يبست سميت بالقت، وأهل مكة يسمونها بالقضب وأصله من القطع، وذلك لأنه يقضب مرة بعد أخرى، وكذلك القضيب لأنه يقضب أي يقطع. وهذا قول ابن عباس والضحاك.
ومقاتل واختيار الفراء وأبي عبيدة والأصمعي.
والثاني : قال المبرد : القضب هو العلف بعينه، وأصله من أنه يقضب أي يقطع وهو قول الحسن. والرابع والخامس : قوله تعالى :
[سورة عبس (٨٠) : آية ٢٩]
وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (٢٩)
ومنافعهما قد تقدمت في هذا الكتاب. وسادسها : قوله تعالى :
[سورة عبس (٨٠) : آية ٣٠]
وَحَدائِقَ غُلْباً (٣٠)
الأصل في الوصف بالغلب الرقاب فالغلب الغلاظ الأعناق الواحد أغلب يقال أسد أغلب، ثم هاهنا قولان :
الأول : أن يكون المراد وصف كل حديقة بأن أشجارها متكاثفة متقاربة، وهذا قول مجاهد ومقاتل قالا :
الغلب الملتفة الشجر بعضه في بعض، يقال اغلولب العشب واغلولبت الأرض إذا التف عشبها.
والثاني : أن يكون المراد وصف كل واحد من الأشجار بالغلظ والعظم، قال عطاء عن ابن عباس : يريد الشجر العظام، وقال الفراء : الغلب ما غلظ من النخل.
[سورة عبس (٨٠) : الآيات ٣١ إلى ٣٢]
وَفاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٢)
وسابعها : قوله : وَفاكِهَةً وقد استدل بعضهم بأن اللّه تعالى لما ذكر الفاكهة معطوفة على العنب والزيتون والنخل وجب أن لا تدخل هذه الأشياء في الفاكهة، وهذا قريب من جهة الظاهر، لأن المعطوف مغاير للمعطوف عليه.
وثامنها : قوله تعالى : وَأَبًّا والأب هو المرعى، قال صاحب «الكشاف» لأنه يؤب أي يؤم وينتجع، والأب والأم أخوان قال الشاعر :
جذمنا قيس ونجد دارنا لنا الأب به والمكرع
وقيل الأب الفاكهة اليابسة لأنها تؤدب للشتاء أي تعد، ولما ذكر اللّه تعالى ما يغتذى به الناس والحيوان.
قال : مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ.
قال الفراء : خلقناه منفعة ومتعة لكم ولأنعامكم، وقال الزجاج : هو منصوب لأنه مصدر مؤكد لقوله :
فَأَنْبَتْنا لأن إنباته هذه الأشياء إمتاع لجميع الحيوان.


الصفحة التالية
Icon