مفاتيح الغيب، ج ٣١، ص : ٦٤
يومئذ نجوما فلا يبقى نجم في السماء إلا وقع على وجه الأرض، قال عطاء : وذلك أنها في قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من النور، وتلك السلاسل في أيدي الملائكة، فإذا مات من في السماء والأرض تساقطت تلك السلاسل من أيدي الملائكة. الثالث : قوله تعالى :
[سورة التكوير (٨١) : آية ٣]
وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ (٣)
أي عن وجه الأرض كقوله : وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً [النبأ : ٢٠] أو في الهواء كقوله : تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ [النمل : ٨٨]. الرابع : قوله :
[سورة التكوير (٨١) : آية ٤]
وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ (٤)
فيه قولان :
القول الأول : المشهور أن الْعِشارُ جميع عشراء كالنفاس في جمع نفساء، وهي التي أتى على حملها عشرة أشهر، ثم هو اسمها إلى أن تضع لتمام السنة، وهي أنفس ما يكون عند أهلها وأعزها عليهم، وعُطِّلَتْ قال ابن عباس : أهملها أهلها لما جاءهم من أهوال يوم القيامة، وليس شيء أحب إلى العرب من النوق الحوامل، وخوطب العرب بأمر العشار لأن أكثر مالها وعيشها من الإبل. والغرض من ذلك ذهاب الأموال وبطلان الأملاك، واشتغال الناس بأنفسهم كما قال : يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء : ٨٨، ٨٩] وقال : وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ [الأنعام : ٩٤].
والقول الثاني : أن العشار كناية عن السحاب تعطلت عما فيها من الماء، وهذا وإن كان مجازا إلا أنه أشبه بسائر ما قبله، وأيضا فالعرب تشبه السحاب بالحامل، قال تعالى : فَالْحامِلاتِ وِقْراً [الذاريات : ٢].
الخامس : قوله تعالى :
[سورة التكوير (٨١) : آية ٥]
وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥)
كل شيء من دواب البر مما لا يستأنس فهو وحش، والجمع الوحوش، وحُشِرَتْ جمعت من كل ناحية، قال قتادة : يحشر كل شيء حتى الذباب للقصاص، قال المعتزلة : إن اللّه تعالى يحشر الحيوانات كلها في ذلك اليوم ليعوضها على آلامها التي وصلت إليها في الدنيا بالموت والقتل وغير ذلك، فإذا عوضت على تلك الآلام، فإن شاء اللّه أن يبقى بعضها في الجنة إذا كان مستحسنا فعل، وإن شاء أن يفنيه أفناه على ما جاء به الخبر، وأما أصحابنا فعندهم أنه لا يجب على اللّه شيء بحكم الاستحقاق، ولكنه تعالى يحشر الوحوش كلها فيقتص للجماء من القرناء، ثم يقال لها موتي فتموت، والغرض من ذكر هذه القصة هاهنا وجوه أحدها :/ أنه تعالى إذا كان [يوم القيامة] يحشر كل الحيوانات إظهارا للعدل، فكيف يجوز مع هذا أن لا يحشر المكلفين من الإنس والجن؟ الثاني : أنها تجتمع في موقف القيامة مع شدة نفرتها عن الناس في الدنيا وتبددها في الصحاري، فدل هذا على أن اجتماعها إلى الناس ليس إلا من هول ذلك اليوم والثالث : أن هذه الحيوانات بعضها غذاء للبعض، ثم إنها في ذلك اليوم تجتمع ولا يتعرض بعضها لبعض وما ذاك إلا لشدة هول ذلك اليوم، وفي الآية قول آخر : لابن عباس وهو أن حشر الوحوش عبارة عن موتها، يقال- إذا أجحفت السنة بالناس وأموالهم-


الصفحة التالية
Icon