مفاتيح الغيب، ج ٣٢، ص : ٢٨٢
المسألة الأولى : هذه الآية فيها وعيد شديد، وذلك لأنه تعالى حكم بالخسار على جميع الناس إلا من كان آتيا بهذه الأشياء الأربعة، وهي الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، فدل ذلك على أن النجاة معلقة بمجموع هذه الأمور وإنه كما يلزم المكلف تحصيل ما يخص نفسه فكذلك يلزمه في غيره أمور، منها الدعاء إلى الدين والنصيحة والأمر / بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يحب له ما يحب لنفسه، ثم كرر التواصي ليضمن الأول الدعاء إلى اللّه، والثاني الثبات عليه، والأول الأمر بالمعروف والثاني النهي عن المنكر، ومنه قوله : وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ [لقمان : ١٧] وقال عمر : رحم اللّه من أهدى إليَّ عيوبي.
المسألة الثانية : دلت الآية على أن الحق ثقيل، وأن المحن تلازمه، فلذلك قرن به التواصي.
المسألة الثالثة : إنما قال : وَتَواصَوْا ولم يقل : ويتواصون لئلا يقع أمرا بل الغرض مدحهم بما صدر عنهم في الماضي، وذلك يفيد رغبتهم في الثبات عليه في المستقبل.
المسألة الرابعة : قرأ أبو عمرو : بِالصَّبْرِ بشم الباء شيئا من الحرف، لا يشبع قال أبو علي : وهذا مما يجوز في الوقف، ولا يكون في الوصل إلا على إجراء الوصل مجرى الوقف، وهذا لا يكاد يكون في القراءة، وعلى هذا ما يروى عن سلام بن المنذر أنه قرأ، (و العصر) بكسر الصاد ولعله وقف لانقطاع نفس أو لعارض منعه من إدراج القراءة، وعلى هذا يحمل لا على إجراء الوصل مجرى الوقف، واللّه سبحانه وتعالى أعلم، وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


الصفحة التالية
Icon