مفاتيح الغيب، ج ٣٢، ص : ٣٦٣
كعب : الذي لا يموت ولا يورث وله ميراث السموات والأرض السابع : قال يمان وأبو مالك : الذي لا ينام ولا يسهو الثامن : قال ابن كيسان : هو الذي لا يوصف بصفة أحد التاسع : قال مقاتل بن حبان : هو الذي لا عيب فيه العاشر : قال الربيع بن أنس : هو الذي لا تعتريه الآفات الحادي عشر : قال سعيد بن جبير : إنه الكامل في جميع صفاته، وفي جميع أفعاله الثاني عشر :
قال جعفر الصادق : إنه الذي يغلب ولا يغلب
الثالث عشر : قال أبو هريرة : إنه المستغني عن كل أحد الرابع عشر : قال أبو بكر الوراق : إنه الذي أيس الخلائق من الاطلاع على كيفيته الخامس عشر : هو الذي لا تدركه الأبصار السادس عشر : قال أبو العالية ومحمد القرظي : هو الذي لم يلد ولم يولد، لأنه ليس شيء إلا سيورث، ولا شيء يولد إلا وسيموت السابع عشر : قال ابن عباس : إنه الكبير الذي ليس فوقه أحد الثامن عشر : أنه المنزه عن قبول النقصانات والزيادات، وعن أن يكون موردا للتغيرات والتبدلات، وعن إحاطة الأزمنة والأمكنة والآنات والجهات.
وأما الوجه الثالث : وهو أن يحمل لفظ الصمد على الكل وهو محتمل، لأنه بحسب دلالته على الوجوب الذاتي يدل على جميع السلوب، وبحسب دلالته على كونه مبدأ للكل يدل على جميع النعوت الإلهية.
المسألة الثانية : قوله : اللَّهُ الصَّمَدُ يقتضي أن لا يكون في الوجود صمد سوى اللّه، وإذا كان الصمد مفسرا بالمصمود إليه في الحوائج، أو بما لا يقبل التغير في ذاته لزم أن لا يكون في الوجود موجود هكذا سوى اللّه تعالى، فهذه الآية تدل على أنه لا إله سوى الواحد، فقوله : اللَّهُ أَحَدٌ إشارة إلى كونه واحدا، بمعنى أنه ليس في ذاته تركيب ولا تأليف بوجه من الوجوه، وقوله : اللَّهُ الصَّمَدُ إشارة إلى كونه واحدا، بمعنى نفي الشركاء والأنداد والأضداد. وبقي في الآية سؤالان :
السؤال الأول : لم جاء أَحَدٌ منكرا، وجاء الصَّمَدُ معرفا؟ الجواب : الغالب على أكثر أوهام الخلق أن كل موجود محسوس، وثبت أن كل محسوس فهو منقسم، فإذا ما لا يكون منقسما لا يكون خاطرا بيان أكثر الخلق، وأما الصمد فهو الذي يكون مصمودا إليه في الحوائج، وهذا كان معلوما للعرب بل لأكثر الخلق على ما قال : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف : ٨٧] وإذا كانت / الأحدية مجهولة مستنكرة عند أكثر الخلق، وكانت الصمدية معلومة الثبوت عند جمهور الخلق، لا جرم جاء لفظ أحد على سبيل التنكير ولفظ الصمد على سبيل التعريف.
السؤال الثاني : ما الفائدة في تكرير لفظة اللّه في قوله : اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ؟ الجواب : لو لم تكرر هذه اللفظة لوجب في لفظ أحد وصمد أن يردا، إما نكرتين أو معرفتين، وقد بينا أن ذلك غير جائز، فلا جرم كررت هذه اللفظة حتى يذكر لفظ أحد منكرا ولفظ الصمد معرفا.
[سورة الإخلاص (١١٢) : آية ٣]
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣)
فيه سؤالات :
السؤال الأول : لم قدم قوله : لَمْ يَلِدْ على قوله : وَلَمْ يُولَدْ مع أن في الشاهد يكون أولا مولودا، ثم يكون والدا؟ الجواب : إنما وقعت البداءة بأنه لم يلد، لأنهم ادعوا أن له ولدا، وذلك لأن مشركي العرب قالوا :
الملائكة بنات اللّه، وقالت اليهود عزير ابن اللّه، وقالت النصارى المسيح ابن اللّه ولم يدع أحد أن له والدا فلهذا


الصفحة التالية
Icon