مفاتيح الغيب، ج ٣٢، ص : ٣٦٩
بسم اللّه الرحمن الرحيم سورة الفلق خمس آيات مدنية
[سورة الفلق (١١٣) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١)
فيه مسائل :
المسألة الأولى : في قوله : قُلْ فوائد أحدها : أنه سبحانه لما أمر بقراءة سورة الإخلاص تنزيها له عما لا يليق به في ذاته وصفاته، وكان ذلك من أعظم الطاعات، فكأن العبد قال : إلهنا هذه الطاعة عظيمة جدا لا أثق بنفسي في الوفاء بها، فأجاب بأن قال : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ أي استعذ باللّه، والتجئ إليه حتى يوفقك لهذه الطاعة على أكمل الوجوه وثانيها : أن الكفار لما سألوا الرسول عن نسب اللّه وصفته، فكأن الرسول عليه السلام قال : كيف أنجو من هؤلاء الجهال الذين تجاسروا وقالوا فيك ما لا يليق بك، فقال اللّه : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ أي استعذ بي حتى أصونك عن شرهم وثالثها : كأنه تعالى يقول : من التجأ إلى بيتي شرفته وجعلته آمنا فقلت :
وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً [آل عمران : ٩٧] فالتجئ أنت أيضا إلي حتى أجعلك آمنا فقل أعوذ برب الفلق.
المسألة الثانية : اختلفوا في أنه هل يجوز الاستعانة بالرقى والعوذ أم لا؟ منهم من قال : إنه يجوز واحتجوا بوجوه أحدها : ما
روي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اشتكى فرقاه جبريل عليه السلام فقال : بسم اللّه أرقيك من كل شيء يؤذيك، واللّه يشفيك
وثانيها :
قال ابن عباس : كان رسول اللّه ﷺ يعلمنا من الأوجاع كلها والحمى هذا الدعاء :
«بسم اللّه الكريم، أعوذ باللّه العظيم من شر كل عرق نعار، ومن شر حر النار»
وثالثها :
قال عليه السلام : من دخل على مريض لم يحضره أجله، فقال : أسأل اللّه العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات شفي
ورابعها :
عن علي عليه السلام قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا دخل على مريض قال :«أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت»
وخامسها :
عن ابن عباس قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، يقول :«أعيذكما بكلمات اللّه التامة من كل شيطان وهامة، ومن / كل عين لامة» ويقول : هكذا كان أبي إبراهيم يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق
وسادسها :
قال عثمان بن أبي العاص الثقفي : قدمت على رسول اللّه وبي وجع قد كاد يبطلني فقال رسول اللّه ﷺ :«اجعل يدك اليمنى عليه، وقل بسم اللّه أعوذ بعزة اللّه وقدرته من شر ما أجد» سبع مرات ففعلت ذلك فشفاني اللّه
وسابعها :
روي أنه عليه السلام كان إذا سافر فنزل منزلا يقول :«يا أرض، ربي وربك اللّه أعوذ باللّه من شرك وشر ما فيك وشر ما يخرج منك، وشر ما يدب عليك، وأعوذ باللّه من أسد وأسود وحية وعقرب، ومن شر ساكني البلد ووالد وما ولد»
وثامنها :
قالت عائشة : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا


الصفحة التالية
Icon