مفاتيح الغيب، ج ٧، ص : ١٨١
ثم قال : وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ فلا ينقص من ثواب الطاعات، ولا يزاد على عقاب السيئات.
واعلم أن قوله وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ يستدل به القائلون بالوعيد، ويستدل به أصحابنا القائلون بأن صاحب الكبيرة من أهل الصلاة لا يخلد في النار، أما الأولون قالوا : لأن صاحب الكبيرة لا شك أنه مستحق العقاب بتلك الكبيرة، والآية دلّت على أن كل نفس توفى عملها وما كسبت، وذلك يقتضي وصول العقاب إلى صاحب الكبيرة.
وجوابنا : أن هذا من العمومات، وقد تكلمنا في تمسك المعتزلة بالعمومات.
وأما أصحابنا فإنهم يقولون : إن المؤمن استحق ثواب الإيمان فلا بد وأن يوفي عليه ذلك / الثواب لقوله وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ فإما أن يثاب في الجنة ثم ينقل إلى دار العقاب وذلك باطل بالإجماع، وإما أن يقال : يعاقب بالنار ثم ينقل إلى دار الثواب أبدا مخلدا وهو المطلوب.
فإن قيل : لم لا يجوز أن يقال : إن ثواب إيمانهم يحبط بعقاب معصيتهم؟.
قلنا : هذا باطل لأنا بينا أن القول بالمحابطة محال في سورة البقرة، وأيضاً فإنا نعلم بالضرورة أن ثواب توحيد سبعين سنة أزيد من عقاب شرب جرعة من الخمر، والمنازع فيه مكابر، فبتقدير القول بصحة المحابطة يمتنع سقوط كل ثواب الإيمان بعقاب شرب جرعة من الخمر، وكان يحيى بن معاذ رحمة اللّه عليه يقول : ثواب إيمان لحظة، يسقط كفر سبعين سنة، فثواب إيمان سبعين سنة كيف يعقل أن يحبط بعقاب ذنب لحظة، ولا شك أنه كلام ظاهر.
تمّ الجزء السابع، ويليه إن شاء اللّه تعالى الجزء الثامن، وأوله قوله تعالى : قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ أعان اللّه تعالى على إكماله


الصفحة التالية
Icon