مفاتيح الغيب، ج ٩، ص : ٥١٥
بغير تفاوت، فثبت أن هذا العطف متناسب. الثاني : أنه قد تقدم ذكر الأنثيين، فكفى هذا القول في حسن هذا العطف.
السؤال الثاني : هل يصح أن يكون الضميران في «كن» و«كانت» مبهمين ويكون «نساء» و«واحدة» تفسيراً لهما على ان «كان» تامة؟
الجواب : ذكر صاحب «الكشاف» : أنه ليس ببعيد.
السؤال الثالث : النساء : جمع، وأقل الجمع ثلاثة، فالنساء يجب أن يكن فوق اثنتين فما الفائدة في التقييد بقوله فوق اثنتين؟
الجواب : من يقول أقل الجمع اثنان فهذه الآية حجته، ومن يقول : هو ثلاثة قال هذا للتأكيد، كما في قوله :
إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً [النساء : ١٠] وقوله : لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ [النحل : ٥١].
أما قوله تعالى : وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ فنقول : قرأ نافع (واحدة) بالرفع، والباقون / بالنصب، أما الرفع فعلى كان التامة، والاختيار النصب لأن التي قبلها لها خبر منصوب وهو قوله : فَإِنْ كُنَّ نِساءً والتقدير : فإن كان المتروكات أو الوارثات نساء فكذا هاهنا، التقدير : وإن كانت المتروكة واحدة، وقرأ زيد بن علي : النصف، بضم النون.
قوله تعالى : وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ.
اعلم أنه تعالى لما ذكر كيفية ميراث الأولاد ذكر بعده ميراث الأبوين، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : قرأ الحسن ونعيم بن أبي ميسر السُّدُسُ بالتخفيف وكذلك الربع والثمن.
المسألة الثانية : اعلم أن للأبوين ثلاثة أحوال.
الحالة الأولى : أن يحصل معهما ولد وهو المراد من هذه الآية، واعلم أنه لا نزاع أن اسم الولد يقع على الذكر والأنثى، فهذه الحالة يمكن وقوعها على ثلاثة أوجه : أحدها : أن يحصل مع الأبوين ولد ذكر واحد، أو أكثر من واحد، فههنا الأبوان لكل واحد منهما السدس. وثانيها : أن يحصل مع الأبوين بنتان أو أكثر، وهاهنا الحكم ما ذكرناه أيضا. وثالثها : أن يحصل مع الأبوين بنت واحدة فههنا للبنت النصف، وللام السدس وللأب السدس بحكم هذه الآية. والسدس الباقي أيضا للأب بحكم التعصيب، وهاهنا سؤالات.
السؤال الأول : لا شك أن حق الوالدين على الإنسان أعظم من حق ولده عليه، وقد بلغ حق الوالدين إلى أن قرن اللّه طاعته بطاعتهما فقال : وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً [الإسراء : ٢٣] وإذا كان كذلك فما السبب في أنه تعالى جعل نصيب الأولاد أكثر ونصيب الوالدين أقل؟
والجواب عن هذا في نهاية الحسن والحكمة، وذلك لأن الوالدين ما بقي من عمرهما إلا القليل فكان احتياجهما إلى المال قليلا، أما الأولاد فهم في زمن الصبا فكان احتياجهم إلى المال كثيرا فظهر الفرق.
السؤال الثاني : الضمير في قوله : وَلِأَبَوَيْهِ إلى ماذا يعود؟
الجواب : أنه ضمير عن غير مذكور، والمراد : ولأبوي الميت.
السؤال الثالث : ما المراد بالأبوين؟


الصفحة التالية
Icon