سمعت ابن مجاهد يقول: ((لا يقرأ بشيء من ذلك إلا بما عليه الناس في كل مصر (الحمدُ لِله) بضم الدال وكسر اللام)) (١).
فهذه الآثار الواردة عن السلف ونحوها دالة على مدى تمسكهم بالرواية الصحيحة المتواترة المسندة فلا يعدلون عنها إلى غيرها ولو كان أقيس في العربية.
فالقراءة متى ثبتت بطريق التواتر لا يردها قياس عربية ولا فسولغة، ومتى اختل فيها شرط التواتر ردّت ولا يلتفت فيها إلى أي شرط آخر.
على أن ابن الجزري رجع عن القول بالتواتر إلى الاكتفاء بصحة السند (٢) وهو مخالف لما عليه جمهور القراء.
وقد بين النويري (٣) ذلك خير بيان ورد على شيخه ابن الجزري قوله فأجاد أفاد (٤).
ولست هنا معرض مناقشة هذين الرأيين إذ أن كلا منهما شاهد على اهتمام علماء القراءات بالإسناد سواء في ذلك من اشترط التواتر أو اكتفى بالصحة.
على أن من أمعن النظر لا يرى خلافاً ذا شأن بين القولين فإن من اكتفى بصحة السند لا يجيز رواية الآحاد في القراءة ولا يعتد بها.

(١) إعراب ثلاثين سورة: ١٩.
(٢) النشر: ١/١٣.
(٣) محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم أبو القاسم النويري المالكي ولد سنة: (٨٠١؟)
قرأ على الحافظ ابن الجزري ولازم الشيخ البساطي وأخذ عن الحافظ ابن حجر وغيرهم توفى سنة (٨٩٧؟)
الضوء اللامع: ٩/٢٤٦، البدر الطالع: ٢/٢٥٦.
(٤) شرح طيبة النشر للنويري: ١/١١٩.


الصفحة التالية
Icon