فقلت: ها أنا رحمك الله.
قال: أنت أولى بالقراءة.
قال: وكنت مع ذلك حسن الصوت مداداً به، فاستفتحت، فملأ صوتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأت ثلاثين آية، فأشار بيده أن أسكت، فسكت، فقام إليه شاب من الحلقة فقال: يا معلم أعزك اله تعالى - نحن معك وهذا رجل غريب وإنما رحل للقراءة عليك وقد جعلت له عشري واقتصر على عشرين آية، فقال نعم وكرامة فقرأت عشراً فقام فتى آخر فقال كقول صاحبه فقرأت عشراً وقعدت حتى لم يبق أحد ممن له قراءة فقال لي اقرأ فقرأت خمسين آية، فمازلت أقرأ عليه خمسين في خمسين حتى ختمت عليه ختمات قبل أن أخرج من المدينة.
توفى ورش رحمه الله تعالى سنة (١٩٧؟) (١)
كان ورش قد تلقى ما قرأ به على نافع في بلده مصر قبل أن يقدم على نافع وإنما أراد من قدومه ورحلته إلى المدينة أن يعلي إسناده بالقراءة على نافع ويحكم الرواية عن طريقة المشافهة والتلقي المباشر.
قال مكي: ولم يوافق أحد من الرواة عن نافع رواية ورش عنه ولا نقلها أحد عن نافع غير ورش وإنما ذلك لأن ورشاً قرأ عليه بما تعلم في بلده فوافق ذلك رواية قرأها نافع عن بعض أئمته فتركه على ذلك (٢).
٣- حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهبان بن عدي أبو عمر الدوري الأزدي البغدادي. أول من جمع القراءات.

(١) معرفة القراء الكبار: ١/١٧٢، غاية النهاية: ١/٥٠٢
(٢) الإبانة: ٦٢.


الصفحة التالية
Icon