ج١ص١٥٦
فقالوا لا بزنة ما، فلا تقل كما يقول المعلمون لام ألف فانه خطأ، وخص اللام بالدعامة لأنهم توصلوا للنطق بلام التعريف بأن جعلوا قبلها الهمزة التي هي أختها، فتوصلوا فيها باللام لضرب من المعاوضة بين الحرفين فالألف التي هي أوّل حروف المعجم صورة الهمزة في الحقيقة اهـ. وقال ابن فارس في كتابه فقه اللغة : يزعم قوم أنّ العرب لا تعرف الحروف بأسمائها، والدليل على ذلك ما حكاه عن بعض الأعراب إنه قيل له أتهمز إسرائيل فقال إني إذاً لرجل سوء لأنه لا يعرف من الهمز إلا الضغط، والعصر ويرده أنهم أهل مدر ووبر، ومنهم من يعرف الكتابة
سورة البقرة / الآية ٢٤٣١ السمع، واستعيرت الهمزة مكان الألف لتعذر الابتداء بها، وهي ما لم تلها العوامل موقوفة والحروف ومنهم من لا يعرفها كالإعرإب اهـ فقول الزمخشريّ ومن تبعه هنا إلاً الألف مخالف لكلام ابن جني، فإنها عنده اسم الهمزة، والألف اللينة اسمها لا التي يعبر عنها المعلمون بلام ألف، كما سيأتي فاللطيفة تامّة بلا توجهية، والهمزة صفة لها لأنها تسهل وتبدل، وذلك كالعصر لها وليس اسما مستحدثاً كما قيل، وذهب غيره إلى أنّ الألف اسم للينة إلا أنها أبدلت همزة لتعذر الابتداء بها وهو المرإد بالاستعارة هنا، فاللطيفة جارية فيها باعتبار أصلها ولم تتخلف اضطراراً.
( تنبيه ) قول معلمي الصبيان لام ألف خطأ فإنّ اسمها لا وقول بشار :
يخط في الطريق لام ألف
ليس معناه هذا فإنه في وصف السكران يجرّ رجليه في التراب فأثرهما فيه معوجاً يعود
شكل لام، ومستقيما شكل ألف.
( وأقول ) الشعر صريح فيه. قوله :( ليكون تأديتها بالمسمى أوّل ما يقرع السمع ) قيل الباء زائدة، كما في قولهم أخذت بالخطام، وأنه ليس المراد بالتأدية الدلالة حتى يقال : كان الأنسب ذكر المسميات في الآخر لأنّ فهم المعنى بعد فهم اللفظ بل إحضار المسمى بذاته لأنهم لما قصدوا أن يضعوا لهذه البسائط أسامي مركبة لمصلحة راعوا هذه اللطيفة في التسمية بأن ركبوا كل اسم من مسماه مع غيره، وقدموا المسمى ليكون أوّل ما يقرع السمع لزيادة مناسبة وللإشارة إلى أنّ هذه التأدية ليست من جنس تلك التأدية، فلو لم يكن الاسم مركبا من عدة حروف والمسمى حرف مفرد لم تتيسر هذه النكتة فيه، فانظر فائدة هذه القيود، ووقوع كل منها في محزه. ( أقول ا لا يخفى أن تأويله بالإحضار وحده لا يدفع ما ذكر، ولا يكفي في أداء ما قصده بدون قيد بذاته، ولا قرينة على تقديره هنا، فالظاهر أنّ ضمير تأديتها راجع لقوله : حروفها وحدانا والباء للملابسة لا زائدة، لأن زيادتها في المفعول غير مقيسة كما صرّحوا به أي إيصال المتكلم لتلك الحروف من جهة كونها مسمى، ومدلولاً عليها أوّل إلخ وأصل معنى التأدية الإيصال، فإنها تفعلة من الأداء قال تعالى :﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [ النساء : ٥٨ ] ومنه أداء الدين من الدين، وفي عرف الفقهاء يكون بمعنى إيقاع الفعل في وقته، ويقابله القضاء وهو مضاف للمفعول لأنه متعد بنفسه، والقرع مس جسم باخر بحيث يسمع له صوت والصوت يسمع بوصول الهواء إلى مقعر الأذن شبه وصوله بالقرع، وصار حقيقة فيه، فلذا تال يقرع السمع دون يسمع مع أنه أخصر. قوله :) واستعيرت الهمزة ) أي جعلت أوّلاً في مكانها لتعذر الابتداء بها كما مرّ، فالاستعارة ههنا بمعناها اللغويّ على ضرب من التوسع، وهذا إذا لم تكن الألف موضوعة في الأصل للهمزة، واستعمالها في المدة على التوسع كما نقل عن ابن جني لأنها تد تصير مدة، أو هي مشتركة بينهما كما ذهب إليه بعض
أهل اللخة. قوله :( وهي ما لم تلها العوامل إلخ ) المراد بكونها تليها أن تتصل وتفترن بها سواء كانت مقدمة أو مؤخرة لأنّ الولي يكون بمعنى الاتصال، كما يكون بمعنى وقوعها بعدها ومنه التالي، وليس هذا مراداً والاً كان الظاهر العكس، وهذا إمّا بناء على الأصل أو المراد به ما كان كذلك حقيقة أو حكماً، فلا يضره فصل الجملة المحترضهه ونحوها، ولا يرد عليه العوامل المعنوية، حتى يقال إنه باعتبار اكثر والعوامل جمع عامل وهو مشهور. قوله :( موقوفة خالية عن الإعراب ( قال أبو حيان في شرح التسهيلى الأسماء المتمكنة قبل التركيب كحروف الهجاء المسرودة ألف باء تاء ثاء، وأسماء العدد نحو واحد اثنان ثلاثة أربعة فيها للنحاة ثلاثة أقوال، فاختار ابن مالك رحمه الله أنها مبنية على السكون لشبهها بالحروف في كونها غير عامله ولا معمولة، وهذا عتك. يسمى بالشبه الإهمالي، وذهب غيره إلى أنها ليست معربة لعدم تركبها مع العامل ولا مبنية لسكون آخرها في حالة الوصل، وما قبله ساكن