ج١ص١٦٠
ومثل التبريزي من أئمة اللغة، وناهيك به لم يعترضه، وأشار إلى تعديه بعن لما فنه من معنى التنحية المعذاة بها كفى دليلاً عليه، وقيل عن بمعنى من مع وجوه أخر متكلفة ضربنا عنها صفحا لركاكتها. قوله :) وليكون أوّل ما يقرع الأسماع إلخ ) عطف على قوله : إيقاظا وأظهر اللام تفننا، وللإشارة إلى أنه وجه آخر وحذفت من الأوّل دونه لوجود شرط النصب، وهو كون المفعول له فعلاً لفاعل الفعل المعلل إلا أنه قيل عليه أنه إذا عطف على إيقاظا تعلق بافتتحت، وسببية عنصرية المسميات للكلام للافتتاح المعلل بكون أول ما يقرع الأسماع مستقلاً بنوع من الإعجاز غير ظاهرة فلا يجعل المعطوف
في حكم المعطوف عليه من حيث كونه جواب السائل في مجرّد افتتاح السورة بطائفة منها وفيه ما فيه، اللهمّ إلا أن يقال عنصريتها للكلام تستدعي تقديمها، فناسبه أن يكون ذكر أساميها المستقلة بنوع من الإعجاز أول ما يقرع السمع، ثم إن هذا ظاهر إن كانت البسملة ليست من السورة، والأ فالمراد أنه أوّل ما يقرعه مما يختص بها.
وقال قدس سرّه : إشارة إلى أنّ المقصود من الأغراب في أوائل السور أن يكون دليلأ
على إعجاز ما يرد بعدها ومقدّمة منبهة عليه، فالفواتح على ما قبله نبه بها على أنّ هذا المتلوّ لتركبه مما يتركب منه كلامهم على قواعدهم ليس إعجازه ببلاغته الفائقة إلا لكونه من الله، وعلى هذا نبه بها على أنها لاستقلالها بوجه من الاغراب من حيث صدورها ممن يستبعد منه أمارة على إعجاز ما بعدها بالنسبة إلى حال من ظهر على لسانه اغتراب بكلمة مما يستغرب منه إشارة إلى تكلمه بما يعد منه معجزا، فالوجهان ناظران إلى الوجهين في تفسير قوله تعالى :﴿ فَأْتُواْ بِسورة مِّن مِّثْلِهِ ﴾ [ البقرة : ٢٣ ] وفيه أنّ قوله أمارة على إعجاز ما بعدها مع قوله قبله لاستقلالها بوجه من الاغراب فيه تناف يحتاج إلى التوفيق، واعترض بأنه يمكن تعلم أسماء الحروف، ولو بسماع من صبيّ في أقصر مدة فلا إغراب فيه، وأجيب بأنه وإن أمكن ذلك لكن صدوره ممن لم يشتهر أنه تعلم، وهو بين قوم أمّيين مستبعد جدا، وفيه بحث وأما ما يذكر بعده من لطائف تلك الحروف فمع كونه لا يختص بهذا الوجه يبعد كونه من تتمة الجواب، لأنه لا يتفطن له إلاً الماهر في أوصاف الحروف فضلاً عمن لا يقرأ ولا يدرس فكيف يعجزهم، ويتحذاهم بما لا يفهمونه، فلا وجه للجواب عنه بأنه ليس المستغرب مجزد التلفظ بها بل مع رعاية اللطائف التي ذكرت متصلة بها، وقول المصنف رحمه الله سيما إشارة إلى هذا الجواب، والكتاب بضم فتشديد جمع كاتب لا بمعنى المكتب لأنه غير مناسب هنا وان أثبته بعض أهل اللغة، والأميّ الذي لا يقرأ ولا يكتب نسبة إلى الأمّ لأنه خرج من بطن أت أو نسبة إلى أمة العرب لأنهم كانوا كذلك، أو إلى أمّ القرى لأنّ أهلها كذلك والحاصل أنّ ذكرها يدل على إعجازه في نفسه أو بالنسبة إلى من أنزل عليه. قوله :( كالكتابة والتلاوة ( إدراجه الكتابة بين تلفظه بأسماء الحروف، والتلاوة الواقعين منه على خرق العادة يقتضي اً نه ﷺ كتب من غير تعلم بل على خرق العادة وسيأتي فيه كلام في قوله تعالى :﴿ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ﴾ [ العنكبرت : ٤٨، فعلى المشهور التمثيل لمجرّد استغرابه وإن لم يقع. وقوله :( سيما إلخ ( الكلام على سيما ومعنى قول بعض النحاة أنه للاستثناء مفصل في حواشينا على الرضى وحاصله أن سيّ بمعنى مثل يقال هما سيان أي مثلان، فمعنى لا سيما لا مثل ما، وما زائدة أو موصولة أو موصوفة، وعدهم له من كلمات الاستثناء لأنه للاستثناء عن الحكم المتقدم ليحكم عليه على وجه أتمّ من جنس
الحكم السابق، والمعروف ذكر اسم بعده معرب بالوجوه الثلاثة كما في قول امرىء القيس : ولا سما يوم بدارة جلجل
وايقاع الجملة الحالية بعده كما وقع في عبارة المصنف رحمه الله وان كثر في كلام المصنفين إلا أنّ النحاة لم يذكروه، كما ننه عليه بعض المتأخرين، وحكى الرض أنه يقال سيما بالتشديد والتخفيف مع حذف لا كما هنا، وقال الدماميني في شرح التسهيل : لم أقف عليه لغيره، وهو كثير في كلام المصنفين، وقال أبو حيان ما يوجد في كلام المولدين من حذف لا لا يوجد في كلام من يوثق به، ونص عليه أبو عليّ الفارسيّ وقال حذفها غير جائز، وكذا في البارع والتهذيب، وقال في المصباح : ربما حذفت لا في الشعر وهي مرادة للعلم بها، والأديب العارف بفنون العربية، وما يلحق بها مما فصل في أوّل شرح المفتاح، وتسميتها أدباً


الصفحة التالية
Icon